هذه نسبة التصريح بممتلكات المنتخبين المحليين

+ -

كشفت السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، في تقريرها السنوي لسنة 2022، عن ضعف التصريح بالممتلكات لمنتخبي المجالس المحلية المنتخبة بنسبة 14,95 بالمائة و50 ولاية لم تودع تصريحات من إجمالي 58 ولاية، في المقابل سجلت تجاوبا لدى شاغلي الوظائف العليا بنسبة 96,22 بالمائة، أي 10053 تصريح من جملة 10448 موظف ملزم بالتصريح، منهم 270 موظف برئاسة الجمهورية بنسبة 100 بالمائة.

تضمن التقرير السنوي الأول من نوعه من طرف السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، المنشور على موقع الهيئة، جملة من النشاطات في 152 صفحة، في إطار تجسيد الصلاحيات المخولة للسلطة العليا برفع، إلى عناية رئيس الجمهورية، تقريراحول نشاطها بعنوان سنة 2022،يتضمن حصيلة النشاطات التي تم إنجازها بعد تنصيب السلطة العليا خلال السداسي الأخير من سنة 2022،بالإضافة إلى نشاطات الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته -سابقا- خال السداسي الأول من سنة 2022،وتشريحا لواقع الفساد في الجزائر من زوايا متعددة.

كما أوردت جدولا يتعلق بفئات وعدد المكتتبين الخاضعين للتصريح بالممتلكات يصل إلى 137689 مكتتب مقسمين إلى 27241 منتخب في المجالس الشعبية البلدية والولائية، و10448 شاغل وظيفة عليا، و100 ألف منصب معرض للفساد. ويخضع هذا العدد لتغيرات لها علاقة بحركية الإطارات في الإدارات والمؤسسات العمومية، وكذلك التقسيم الإداري الجديد بالنسبة للمجالس الشعبية المحلية البلدية والولائية.

وأظهر التقرير ضعف التصريح بالممتلكات عند المنتخبين المحليين رغم انقضاء 3 سنوات على العهدة الحالية، وتبليغهم رسميا من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بحيث أحصت 23166 منتخب لم يصرح بممتلكاته من إجمالي 27241 منتخب، أي 4075 فقط قاموا بالتصريح بنسبة 14,95 بالمائة، و85,05 بالمائة لم يودعوا تصريحاتهم. وأحصى معدو التقرير 50ولاية بصفر تصريح من أصل 58 ولاية، سواء منتخبين في المجالس البلدية أو الولائية، من بينها ولايات كبرى كالجزائر العاصمة ووهران وتيزي وزو وسطيف وقسنطينة وسيدي بلعباس وعنابة، فيما حققت ولايات أخرى كورڤلة 100 بالمائة وتلمسان 94,28 بالمائة وغليزان 96,34 بالمائة. كما أشار التقرير إلى عدم ورود ملفات وأرقام عدة ولايات جديدة. وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول أسباب تخلف ولايات كبرى عن التصريح بالممتلكات خلال عهدتين متتاليتين، رغم توفرها على الإمكانيات والرقمنة. وهو رقم ضئيل جدا وبعيد عن طموحات السلطة لأخلقة الحياة العامة.

 

تجاوب الموظفين العموميين شاغلي الوظائف العليا مع التصريح بالممتلكات

 

ومن المفارقات المسجلة، ارتفاع نسب التصريح بالممتلكات بالنسبة للموظفين العموميين شاغلي الوظائف العليا بنسبة 96,11 بالمائة (9557 تصريح من إجمالي 10152 موظف)، وعلى رأسهم موظفو رئاسة الجمهورية التي حققت 100 بالمائة بمجموع 270 موظف، والوزارة الأولى والأمانة العامة للحكومة وبعض الوزارات، باستثناء المديرية العامة للأمن الوطني ووزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني التي لم تقدم الأرقام للسلطة. كما تضمنت الحصيلة تصريحات الموظفين في 10 مؤسسات عمومية كالمحكمة الدستورية ووسيط الجمهورية والمحافظة السامية للأمازيغية...إلخ التي تتضمن 296 تصريح، أي بنسبة 100بالمائة. ويبلغ العدد الإجمالي لهذه الفئة من الموظفين 10445 موظف، منهم 10053 أدلوا بتصريحاتهم، أي بنسبة 96,22 بالمائة.

 

67,44 بالمائة من منتخبي العهدة المنتهية (2017-2021) لم يقدموا تصريحا بممتلكاتهم

 

وأدرجت السلطة أرقاما تتعلق بالعهدة الانتخابية المنتهية (2017-2021)، وهي تصريحات إلى غاية 31 ديسمبر 2022، تتضمن نقص تعاطي المنتخبين مع إلزامية التصريح بالممتلكات رغم انقضاء العهدة، بنسبة 67,44 بالمائة لم يستجيبوا للالتزام رغم تبلغيهم من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية بمراسلات ومحاضر تبليغ والتبعات القضائية التي تهدد المخالفين للتصريح بالممتلكات وإحالتهم على العدالة حسب صلاحيات السلطة، ناهيك عن اكتشاف حالات تباين بين التصريحات والممتلكات الفعلية للمنتخب أثناء أو بعد انتهاء عهدته، حيث ينص القانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته لاسيما المادة 04 منه، على أن المنتخبين المحليين بالمجالس الولائية والبلدية، والموظفين العموميين شاغلي الوظائف العليا، والمناصب المعرضة للفساد، ملزمون باكتتاب التصريح بالممتلكات حسب نموذج يحدد جردا لجميع أملاك العقارية والمنقولة للمكتتبين وأولادهم في الجزائر أو الخارج، في آجال الا تتعدى الشهر الذي يعقب تاريخ تنصيبهمفي وظيفتهم أو بداية عهدتهم الانتخابية.

وبلغ عدد التصريحات 8757 من إجمالي 26495، أي بفارق18138 منتخب في مجالس بلدية وولائية. ويبين الجدول المتعلق بالحصيلة الإجمالية لـ48 ولاية، أن 24ولاية لم تدلبأي تصريح، من بينها ولايات كبيرة،كما لم تسجل أية ولاية 100 بالمائة.

ويبقى المأمول في السنوات القادمة، خاصة بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا، هو رفع سقف الشفافية بوضع تصريح ممتلكات كل أعضاء الحكومة والمؤسسات العمومية على موقع السلطة مباشرة لتكون في متناول كل مواطن راغب في الاطلاع على ممتلكاتهم وحساباتهم البنكية، كما هو معمول به في العديد من الدول المتقدمة في مجال الشفافية في أخلقة الحياة العامة، وركيزة أساسية لشفافية الحياة العامة، إذ يعتبر آلية لتعزيز مبدأ الشفافية والحد من استغلال الامتيازات وصون نزاهةالأشخاصالمكلفين بالخدمة العمومية عند ممارسة وظائفهم،ويعد التصريح بالممتلكات التزاما قانونيا، ووسيلة فعالة للوقاية من الفساد ومكافحته.

وساهمت عملية رقمنة التصريح بالممتلكات في دعامة عصرنة الإدارة وتسهيل عملية المعالجة، ولقد نتج عن هذا المسعى بروز فئات مهنية أخرى تم إدراجها وإخضاعها لواجب التصريح بالممتلكات، ما أدى إلى زيادة عدد الأشخاص المعنيين بهذا الالتزام المنصوص عليه في القانون رقم 06 - 01 المؤرخ في 20 / 02 / 2006 الساري المفعول، فبعدما كان واجب التصريح بالممتلكات لدى الهيئة يقترن بالذين يشغلون الوظائف السامية والمنتخبين المحليين، أصبح عدد الأشخاص الخاضعين لهذا الالتزام يقارب 133000 عون عمومي من مختلف الفئات المهنية.

وأمام عبء معالجة هذا الكم الهائل من التصريحات والصعوبات التي تميز هذه العملية، لاسيما في مجال استغلال محتوى التصريحات وكيفية إيداعها، بادرت السلطة العليا برقمنة عملية التصريح بالممتلكات عن طريق تطوير منصة رقمية تحتوي على نظام إلكتروني مؤمن، والذي سيسمح بالتكفل بالتصريحات بالممتلكات الخاصة بالأعوان العموميين بشكل آني، والرفع من القدرات التقنية للسلطة العليا في جمع ومعالجة أكبر عدد ممكن من التصريحات بالممتلكات، وضمان استغلال أمثل وتحكم فعال في البيانات، مع إمكانية الاتصال البيني مستقبلا، مع مختلف الإدارات العمومية التي لديها قاعدة بيانات، قصد تسريع معالجة هذه التصريحات وتسهيل عملية توفر المعلومة، ما يسمح بتعبئة الموارد البشرية وتوجيهها لأداء مهام أخرى، للتأكد من صحة البيانات وحفظها، بالإضافة إلى ضمان تأمين محتوى التصريح بالممتلكات وتفادي أي تسريب للمعلومات.

كما تسمح هذه المنصة الإلكترونية للمكتتب بالالتزام شخصيا عبر صب البيانات والمعلومات مباشرة في المنصة، الأمر الذي من شأنه تسهيل وتسريع عملية التصريح بالممتلكات وتقريب المكتتب من الإدارة المعنية (السلطة العليا(.

وفي هذا الصدد، استلمت السلطة العليا، يوم 15 ديسمبر 2022، بصفة نهائية، البوابة الإلكترونية من مكتب الدراسات (CETIC) وتم الشروع في استغلالها على المستوى الداخلي إلى حين إصدار تعديل المرسومين الرئاسيين رقم 06 - 414 المؤرخ 27 نوفمبر 2006 المحدد لنموذج التصريح بالممتلكات ورقم 06 - 415 المؤرخفي 22 نوفمبر 2006 والمحدد لكيفيات التصريح بالممتلكات.

لقد تم إطلاق الموقع الإلكتروني للسلطة العليا تزامنا والاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد المصادف ليوم التاسع (09) ديسمبر من كل سنة، وذلك بعد تحديثه وتحيينه وفق الميثاق البياني الجديد. إذ تضطلع السلطة العليا، ليكون هذا الموقع الإلكتروني موقعا تفاعليا للتعريف بها وبمهامها وكذا نشاطاتها على الصعيدين الوطني والدولي، بالإضافة إلى مختلف منشوراتها وإصداراتها. كما يعد بمثابة جسر لتطوير الاتصال البيني بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، وحاضنة للشبكات التفاعلية والمنصات الإلكترونية.

 

"قوانين الوقاية من تضارب المصالح وحالات التنافي غير كافية ولا تفي بالغرض"

 

واعتبر معدو التقرير السنوي، فيما يخص الوقاية من تضارب المصالح وحالات التنافي، أنه "على الرغم من وجود أحكام في قوانين متفرقة، فإنها غير كافية ولا تفي بالغرض للحد من هذه الوضعيات، وعليه أصبح من الضروري إعداد نصوص تنظيمية تؤطرها".

وأشار التقرير إلى إرادة الدولة التي تعززت من خلال الاستفتاء الشعبي على دستور 2020، المتضمن عدة مكاسب في مجال أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد ودعم قدرات الهيئات، بالعمل على مكافحة الفساد وتكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة في تسيير الأموال والممتلكات العمومية في العديد من أحكام الدستور، نخص منها بالذكر المادة 09 فقرة 05:ضمان الشفافية في تسيير الشؤون العمومية، المادة 24 فقرة 03: تفادي حالات تعارض المصالح، والمادة 24 فقرة 04: إلزامية التصريح بالممتلكات، المادة 55 فقرة 01: ضمان الحق في الوصول إلى المعلومة، بالإضافة إلى المادة 99 حول تعزيز صلاحيات مجلس المحاسبة.

كما نصت أحكام المادتين 204 و205 من الدستور على تأسيس السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وإدراجها ضمن المؤسسات الرقابية، وتخويلها صلاحيات واسعة في مجال الرقابة، بالإضافة إلى دورها الاستشاري.

وجاء تأسيس السلطة العليا في ظل دستور 2020، تطبيقا لالتزامات رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي الذي أعطى أولوية قصوى لأخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد. كما منح القانون رقم 22-08 المؤرخ في 05 ماي 2022 المحدد لتنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصلاحياتها، في المادة 4 منه، وللسلطة العليا صلاحية تلقي التصريحات بالممتلكات الخاصة بالموظفين العموميين بصفة دورية، ودراسة واستغلال المعلومات الواردة فيها والتعاون مع مختلف الإدارات العمومية، لتوفر المعلومات الضرورية.