"قررت يومها التوجه إلى غابة بوشاوي بالشراقة في العاصمة، رفقة شقيقتي لممارسة الرياضة، ركنت سيارتي في مدخل الغابة على مقربة من حاجز للدرك الوطني، وعند العودة كانت الصدمة، وجدت نافدة السيارة محطمة والمكان يملأه الزجاج، وجميع أغراضي ووثائقي الشخصية ملقاة على الأرض، شعرت وكأنه سيغمى علي، وفورا شاهدت كهلا كان يمارس الرياضة بعين المكان متجها نحو سيارتي مستنجدا بأحد رجال الدرك، وأخبرني بأنه شاهد الفاعل عند ارتكابه للجريمة" تقول ن. ب عاملة بإحدى المؤسسات الخاصة بنبرة من الأسى.
تعد الغابات متنفسا طبيعيا للتنزه وممارسة الرياضة، خاصة في العاصمة التي يعاني سكانها من قلة المساحات في ظل الكثافة السكانية والانتشار الواسع للعمران. لكن هذه المساحات القليلة، ومنها غابة بوشاوي التي توصف بأنها رئة العاصمة، لم تسلم من المنحرفين الذين يمارسون السرقة والاتجار في المخدرات ومختلف الجرائم، وهو ما بات يثير قلق السكان المحاذين لهذه المساحات الغابية وزوارها.
أصحاب خيول يثيرون الرعب
وفيما يتعلق بتفاصيل الواقعة، أشارت الضحية إلى أن المجرم قام بسرقة هاتفها النقال، ساعة ومبلغ مالي يقدر بـ 10000 دج كان متواجدا بحقيبتها التي على ما يبدو أنها جذبت أنظاره إليها، ليقبل على فعلته المشينة، كونها كانت تظهر من الناحية الخلفية لسيارة، ومن حسن حظ الفتاة أنه لم يستعمل البطاقة البنكية التي كانت في المحفظة، حسبها.
وتابعت بصوت مرتجف والدموع تملأ مقلتيها: "أخبرني الشاهد أن الفاعل ارتكب الجريمة بسرعة، بعدما أخذ بعض الوقت في مراقبة الأجواء وتأكد بأن الحركة نقصت قليلا وبات المكان خاليا بعض الشيء، وقام برمي حقيبتي وسط الغابة بعدما كسر الزجاج الأمامي ونهب كل شيء ثمين كان بها، حينها لاذ بالفرار، وعند إبلاغ رجال الدرك ووصولهم للمكان كان المجرم قد اختفى عن الأنظار".
وأضافت المتحدثة أن الشاهد قام بوصف المجرم وأخبرها بأنه من أصحاب الخيول المتجولين بالمنطقة، حيث تعرف عليه رجال الدرك وفقا للأوصاف، وقاموا بالقبض على المشتبه به واقتياده إلى كتيبة الدرك الوطني لبوشاوي بعد دقائق فقط من الحادثة، حيث تم فتح محضر قضائي والتحقيق معه لساعات طويلة، إلا أنه أنكر الفعل المنسوب إليه ولم يعثر بحوزته على أي أغراض مسروقة، الأمر الذي اضطر أفراد الدرك إلى إخلاء سبيله.
حوادث متتالية!
وفي حادثة أخرى، يروي مروان كهل أربعيني قصته بذات المكان، يقول: "منذ أيام، ركنت سيارتي بالموقف المخصص لسيارات داخل غابة بوشاوي، للتجول قليلا رفقة عائلتي، وعند العودة إلى السيارة كانت الصدمة، وجدت زجاج النافدة محطما، ولما تفحصتها علمت أن الفاعل لم يسرق أي شيء لأن كل ما كان يوجد فيها عبارة عن أقمصة، مصحف وسجادة صلاة، سيما وأنني لم أترك أي شيء ثمين بها سوى مبلغ مالي بسيط كان مخبأ بإحكام بأحد أركان السيارة، ولم يتمكن السارق من رأيته"، مضيفا أنه تقدم بشكوى إلى كتيبة الدرك الوطني، وتم تسجيل المحضر ضد مجهول.
وأكد المتحدث أنه قرر من يوم الحادثة عدم الرجوع إلى هذه الغابة أو لأخرى، خاصة وأنه كان من الممكن أن يتعرض رفقة عائلته إلى أمر أكثر خطورة. وتبقى الاعتداءات تتكرر في معظم الغابات بجميع مناطق الوطن، لتحرم بذلك الكثير من العائلات من لذة الاستمتاع بالطبيعة خوفا من الإصابة بأي مكروه محتمل.
تكثيف الأمن مطلب ملح..
وفي هذا الخصوص، دعا العديد من سكان بلدية بوشاوي ممن تحدثت إليهم "الخبر" زوار الغابة بعدم ركن سياراتهم على حافة الطريق الرابط بين منطقة كالمة وبوشاوي المركزي قرب مركز معالجة الإدمان، بسبب تعرض العديد من السيارات خلال الآونة الأخيرة إلى كسر الزجاج وسرقة كل ما يوجد فيها.
كما كشف بعض قاطني المنطقة أن كثافة الأشجار المنتشرة بالغابة سمحت للمنحرفين والمتسكعين بتحويل هذه الأخيرة إلى مسرح لكافة أشكال الإجرام والانحراف، التي تمارس على الهواء الطلق بدءا من تعاطي المخدرات وبيعها في وضح النهار إلى ممارسة الرذيلة وسرقة الزوار بالاعتداء عليهم، مؤكدين أنه رغم دوريات مصالح الدرك المتكررة، إلا أن بعض أصحاب الخيول المتجولين بالغابة لا يأبهون لذلك، حيث يقومون بزعزعة الأمن في المنطقة والتعرض للوافدين بطريقة أو بأخرى.
وفي السياق ذاته، وجه المواطنون دعوة للجهات المعنية، وعلى رأسها الدرك الوطني، للتدخل العاجل، من خلال تكثيف الدوريات الأمنية قدر المستطاع لأجل التصدي لهذه العصابات الخطيرة التي باتت تخلق الرعب في نفوس الزوار وتجردهم من جميع ممتلكاتهم، وهذا بعد انتشار ما أسموه بالتنامي الرهيب للرذيلة والانحراف بالغابة.