38serv
في فجر يوم الخميس 30 ديسمبر 2010، نزل علينا خبر كالصاعقة.. عثمان سناجقي يلتحق بالرفيق الأعلى، ويسلم روحه لبارئها، مستسلما هذه المرة لشدة المرض الذي قاومه لأشهر وأيام، دون كلل أو ملل، مثلما كان ذلك شعاره ومبدأه في الحياة وفي العمل..
شاء القدر ومشيئة المولى عز وجل أن يكون آخر يوم في حياة الفقيد عثمان سناجقي، الزميل والصديق والأخ الأكبر، يوم خميس، وهو اليوم الذي يعد يوم عطلة نهاية الأسبوع لصحفيي وتقنيي الصحافة المكتوبة، وكأنه اختار هذا اليوم حتى لا يعطل عمل ونشاط زملائه في الجريدة، وفي باقي العناوين الصحفية الأخرى، لحضور مراسيم الجنازة والدفن، بل وحتى يجمع جموع الزملاء المعزين، وهو الذي كان طيلة حياته رجل إجماع، واضعا صلة الرحم في عائلته سناجقي وأسرته "الخبر"، وكذا عائلته الكبرى الصحافة، في صدارة أولويات علاقاته الاجتماعية والمهنية، فتراه يستمع هذا وينصح ذاك، ولا يتأخر لحظة لإقامة صلح بين زميلين متخاصمين، مثلما لا يتأخر لحظة في مد يد العون والمساعدة لأحد الزملاء ممن ضاقت عليه أمور الحياة والدنيا، وهو الذي يقول ويؤكد بأن هكذا ظروف (خصومات أو عوز وحاجة اجتماعية) ستؤثر سلبا على أداء من هو واقع في مخالبها، فتراه مسرعا مهرعا لتذليل كل تلك الصعاب، والأهم في الأمر أن نكون نحن في راحة وطمأنينة.
عثمان سناجقي، الزميل، نال شرف الأستاذية وهو الذي لم يكن يحب أبدا إلحاق لقب الأستاذ باسمه.. هو الصديق والأخ الأكبر لكل من عمل معه.. رجل كان لا يحب الظهور كثيرا، همه الوحيد والأوحد تقديم مادة إعلامية يومية مميزة في مستوى جريدة "الخبر"، صرح إعلامي كبير كان الفقيد أحد مؤسسيه في العام 1990 رفقة مجموعة من الزملاء، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر..
كان سناجقي، شلال من رحمة المولى على روحه الطاهرة، لا يعرف مصطلح "التعب" من العمل، لا يكل ولا يمل أبدا، فتراه من الأوائل الذين يحضرون إلى مقر الجريدة، وبعد الاطمئنان على جميع الزملاء، ذهنيا ونفسيا وبدنيا، يشرع في "هندسة" العدد القادم للجريدة، رافعا شعارا واحدا هو "التميز والانفراد" في تقديم المادة الإعلامية، لا يترك شاردة ولا واردة إلا ووقف عندها، يستمر على هذا الحال إلى أن "يغلق" صفحات "الخبر"، ولسان حاله نلتقي غدا إن شاء الله على نفس المنوال، المثابرة والعزيمة والتنوع والامتياز..
كتب الزميل والصديق عبد الحفيظ دعماش، في ذكرى وفاة الصديق والزميل عثمان، يقول: "قد يقول قائل وقيل هذا فعلا: ما الذي يحمله على العمل طول هذه الساعات؟ ولماذا لا يفوّض بعضا من صلاحياته للآخرين؟ الجواب أن الرجل له نظرة خاصة لتسيير الجريدة حققت نجاحا باهرا، وليس كل الناس قادرين على استيعابها.. عندما أصابه المرض قلنا جميعا بأنه سيهدأ ويرتاح في بيته، لكن على العكس كان يجاهد نفسه لصعود السلم والكحة ترهقه. كان يجب أن يحذر من الإصابة بنزلة برد لأنها تعني النهاية بالنسبة له، لذلك يظهر في آخر صوره دائما يلبس وشاحا. في ذكرى وفاتك يا عثمان لا يسعنا إلا أن ندعو العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يلهمنا القوة لنكون في مستوى ما كنت تأمله دائما وأبدا.