تنقضي، اليوم، سنة 2023 دون أن تتوقف عجلة الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية في قطاع التربية، حيث انطلقت فعليا عملية مراجعة البرامج والمناهج التربوية، بدءا بتخفيف وزن المحفظة وإدراج اللوحة الالكترونية، وأيضا النسخة الثانية من الكتاب المدرسي، إضافة إلى إدراج الانجليزية والتربية البدنية في الابتدائي، واستحداث بكالوريا فنون، لأول مرة، بالموازاة مع تجسيد مسعى شامل لرقمنة القطاع، وتكريس الطابع الإلزامي للتعليم الأساسي، وأيضا دور الدولة في ضمان تكافؤ الفرص للاستفادة من التعليم.
في هذا الإطار، تبنت وزارة التربية الوطنية إستراتيجية ترتكز على محاور عديدة، أهمها إصلاح البيداغوجيا، ومنظومة التقييم والارتقاء والتوجيه، إضافة إلى جودة التأطير ودعم التمدرس، من خلال تحسين وتعزيز الإطعام والنقل المدرسي، والمنح المدرسية المختلفة، وضمان مجانية الكتاب المدرسي، والصحة المدرسية والحوار الاجتماعي.
حركية كبيرة في القطاع منذ أربع سنوات، وهذه النتائج
استوجبت التحولات التي عرفها المجتمع في السنوات الأربع الأخيرة، مرافقة مؤسساتية متناسقة مع التغيرات الحاصلة، لتستجيب للطموحات والأهداف المسطرة، كون الأجيال تبنى في هذه المدرسة، وترسم فيها ملامح العلم والمعرفة، والمواطنة وقيم الجمهورية، وكان لا بد عليها أيضا مواكبة هذه التحولات والتكيف معها، من خلال ضبط أدائها بالنوعية والكيفية المطلوبتين، تجسيدا لبرنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، المرجع الرئيس لمخطط عمل الحكومة وبرنامج عمل وزارة التربية.
ولتحقيق ذلك، هيأت الدولة كل الظروف والموارد لمتابعة مسيرة التنمية المستدامة، في جميع مجالات الحياة، وفق نظرة استشرافية، حيث سهرت وزارة التربية على تجسيد برنامج الرئيس، الذي يتجلى أساسا في الالتزام 37 وينص على "جعل المدرسة إطارا للتربية والإيقاظ الفكري للتلاميذ"، إضافة إلى النقطة الثالثة من الالتزام 47 التي تنص على مرافقة الرياضة والرياضيين في البيئات المدرسية والجامعية.
وتم في هذا الإطار، استحداث مديرية عامة للرياضات المدرسية في القطاع، ثم فتح منصة رقمية أمام الراغبين في التسجيل لمنصب أستاذ التربية البدنية في الابتدائي، من حاملي شهادة الليسانس، تجسيدا لقرار مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 16 أفريل 2023، القاضي بضمان تأطير متخصص لهذه المادة، وتم فعليا التعاقد مع 12 ألف أستاذ تربية بدنية، قبل أن يتقرر ترسيمهم خلال مجلس الوزراء المنعقد في 21 نوفمبر الماضي.
وفي إطار الانجازات المحققة خلال الفترة نفسها، تم وضع حيز الخدمة لنظام رقمي للتبليغ الآني، عن وضعية التدفئة بالمؤسسات التعليمية، حيث استنفر وزير التربية إطاراته المركزية، وعلى مستوى الولايات، للقيام بزيارات ميدانية للمؤسسات التعليمية، والتأكد حضوريا من اشتغال التدفئة، ومراعاة معايير السلامة والأمن، لاسيما تلك التي لم تكن مجهزة أو كان بها أعطال كلية أو جزئية، والتأكد من التزام المسؤولين المحليين بالتعليمات المسداة لهم، سواء بالتجهيز أو الإصلاح والصيانة حسب الحالة، محذرا من أي تقاعس في هذا المجال، لأنه "لن يُسمح بوجود مؤسسات تعليمية دون تدفئة".
وفي إطار اهتمام الرئيس بتمدرس ذوي الاحتياجات الخاصة، تعزز القطاع بـ 400 مرفق في الحياة المدرسية، كرتبة جديدة استحدثت لمرافقة التلاميذ المصابين بالتوحد. كما تم طباعة كتب المواد العلمية، في مرحلة التعليم الثانوي، بتقنية "البراي" ومواصلة مراجعة مناهج التعليم الابتدائي والمتوسط، وإعادة كتابة مناهج التعليم الثانوي، وهي مهام أوكلت كلها للمجلس الوطني للبرامج المنصب في 7 نوفمبر 2021، حيث يعكف على إعادة النظر في البرنامج التعليمية ومراجعتها، تجسيدا لقرار الرئيس في مجال التربية والتعليم، لاسيما ما تعلق بتخفيف المناهج الدراسية والمحفظة والتفتح على مختلف اللغات الأجنبية.
ففي مرحلة التعليم الابتدائي، تم إلغاء شهادة نهاية مرحلة التعليم الابتدائي وتعويضه بامتحان "تقييم المكتسبات"، بهدف تمكين الأولياء من متابعة مكتسبات أبنائهم، من خلال دفتر مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي، وهو نظام تم خلال السنة الدراسية الجارية، "تحسينه" بتقليص مدة اجتيازه وعدد المواد الممتحن فيها.
وتم أيضا، في الطور ذاته، توزيع النسخة الثانية من الكتاب المدرسي وتجهيز المدارس بالألواح الرقمية، وأيضا تنصيب اللغة الإنجليزية، العام الماضي في الثالثة ابتدائي، ليتم توسيعها هذا العام للسنة الرابعة، حيث تم فتح باب التعاقد مع أكثر من 4 آلاف أستاذ في الانجليزية، استفادوا من الترسيم مؤخرا، إضافة إلى إدراج التربية المرورية في المراحل التعليمية الثلاث، عبر أنشطة بيداغوجية للمواد التعليمية المقررة وأنشطة مكملة، للوقاية من حوادث المرور.
وفي المتوسط، تم تنصيب جهاز المعالجة البيداغوجية للمنتقلين الجدد إلى هذا الطور. أما في الثانوي، فتم إنشاء ثانوية وطنية للفنون واستحداث شعبة الفنون، بأربعة خيارات، ابتداء من السنة الثانية من التعليم الثانوي العام والتكنولوجي، وتنصيب شعبة الفنون في السنة الثالثة، مع تنظيم أول بكالوريا الفنون في جوان 2024، إضافة إلى تغيير آليات التوجيه إلى شعبة الرياضيات في التعليم الثانوي، ومضاعفة عدد تلاميذ الثانوية الوطنية للرياضيات، ورقمنة قطاع التربية، لاسيما قرارات تمدرس التلاميذ وتقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي، وإعادة إدماج التلاميذ والحركة التنقلية السنوية للأساتذة، بنسبة تلبية للرغبات "غير مسبوقة" بـ 93 بالمائة، في المدارس الابتدائية.
وتم أيضا، رقمنة عمليات كل من توظيف الأساتذة عن طريق التعاقد، للمراحل التعليمية الثلاث، وتسيير السكنات الوظيفية. كما لازالت عملية تنفيذ مشروع تخفيف وزن المحفظة المدرسية متواصلة، من خلال توسيع عملية تجهيز 1.200 مدرسة ابتدائية جديدة باللوحات الرقمية، إضافة إلى 1629 مدرسة تم تجهيزها السنة الماضية.
هذه تفاصيل تطور المورد البشري في التربية
نجحت وزارة التربية في إدماج ما يزيد عن 62 ألف أستاذ متعاقد بعنوان 2022-2023، تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية توظيف كل خريجي المدارس العليا للأساتذة بعدد 3577 أستاذا، وأيضا توظيف 9501 أستاذ بصفة متعاقدين، لتأطير مادة اللغة الإنجليزية في التعليم الابتدائي بين سنتي 2022-2023 و2023-2024، مع توظيف 12877 أستاذا بصفة متعاقدين لتأطير مادة التربية البدنية والرياضية في الابتدائي، والعملية الأخيرة للتوظيف لسد الشغور وإدماج 101466 من منتسبي جهازي المساعدة على الإدماج المهني والاجتماعي لحاملي الشهادات، وتوظيف 26770 موظفا في مختلف الأسلاك الإدارية، والتكفل بالظروف المهنية للموظفين وانشغالات المواطنين.
وبالنسبة للعمليات التضامنية، وفي مجال التغذية المدرسية، تم رفع قيمة الوجبة المدرسية، ثم استحداث ديوان وطني للمطاعم المدرسية، وأيضا المنحة المدرسية الخاصة، حيث بلغت 5 آلاف دينار، إضافة إلى الكتاب المدرسي المجاني، والمستلزمات المدرسية والرعاية الصحية والنقل المدرسي، وأيضا التعليم والتكوين عن بعد.