أحيت جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين بباب الزوار، الجزائر العاصمة، اليوم الأربعاء، الذكرى الـ45 لوفاة الرئيس الراحل هواري بومدين، تحت إشراف وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداري، رفقة وزير الري طه دربال، وممثل وزارة الدفاع الوطني، إضافة إلى رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني نورالدين بن براهم، وبحضور حرم الزعيم الراحل الرئيس هواري بومدين.
وتم عرض روبورتاج مطول حول الزعيم الراحل هواري بومدين ورؤيته المتبصرة، وعرض شهادات موجزة حول مشاريع كبرى جسدت رؤية الرئيس الراحل، كما تم تكريم أنيسة بومدين، أرملة الرئيس الراحل هواري بومدين.
في نفس السياق، أكد جامعيون، اليوم الأربعاء، أن السياسة الخارجية للجزائر أبان حكم الرئيس الراحل هواري بومدين (1932- 1978) كانت "نابعة من اليقين الفكري السياسي" الذي رسخته ثورة التحرير الوطني.
وقال محمد خوجة، من جامعة الجزائر 3، في ندوة بقصر الثقافة مفدي زكريا، منظم الحدث، بمناسبة الذكرى الـ45 لوفاة الرئيس بومدين تحت عنوان "تجليات السياسة الخارجية الجزائرية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين"، أن مواقف دبلوماسية الجزائر أثناء حكم بومدين "كانت نابعة من اليقين الفكري السياسي للجزائر وثقافتها الاستراتيجية التي رسختها الثورة الجزائرية، ثم دورها الريادي في مساندة حركات التحرر، وهو ما عزز احترام الدولة الجزائرية".
واعتبر خوجة أن مواقف الرئيس الراحل على المستوى السياسي والاقتصادي والدبلوماسي "مرتبطة بقناعات هذه الشخصية بوجود ميراث قديم ضارب في التاريخ للدولة الجزائرية التي كانت دائما دولة مواجهة ومقاومة، وهو ما جعلها تقف إلى جانب حركات التحرر وتناصرها".
وأضاف، في هذا السياق، بأن سياسته الخارجية كانت "مكملة للسياسة الداخلية وبمثابة امتداد لها، والتي تمثلت في قرارات سيادية، أولها تدعيم الاقتصاد الداخلي والتخطيط لتنمية نوعية، وثانيها بسط السيادة بالسيطرة قبل كل شيء على ثرواتها الطبيعية، وهذا بتأميم المحروقات والمناجم وقطع الصلة مع كل ما له علاقة بالمستعمر الفرنسي".
ولفت أستاذ العلوم السياسية أن الرئيس الراحل "قد فهم الدور الحقيقي للجزائر بصفتها دولة محورية"، وهو "ما تجلى في عهدته لما تم حل أزمات كثيرة بطرق سلمية".
من جهته, استعرض محمد حمادوش من جامعة الجزائر 3 "الثابت والمتغير" في السياسة الخارجية للرئيس بومدين، وذلك من خلال مقولاته ومواقفه التي "تترجم رؤيته حول مفهوم الأمن القومي الجزائري"، مشيرا إلى "يقينه بأن المغرب العربي والمنطقة الفاصلة بين القاهرة وداكار هي منطقة أمن بالنسبة للجزائر، وأنه لا يمكن أن يحصل أي تغيير في هذه المنطقة دون اتفاق مع الجزائر".
وأضاف بأن المرحوم "ضبط مبادئ الأمن القومي الجزائري وحددها بوضوح، حيث تمثلت في ضبط الحدود مع الدول المجاورة وفق قاعدة الحدود الموروثة عن الاستعمار، ودعم مسعى التحرير الاقتصادي، وتحقيق التنمية والتعاون مع الدول النامية، والتزام الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومساندة ودعم حركات التحرر وتصفية الاستعمار، وحل النزاعات بين الدول بالطرق السلمية".
وأوضح بأن هذه المبادئ التي سار عليها الرئيس الراحل "تعبر عن ثوابت السياسة الخارجية التي لا تحيد عنها الجزائر", ويظهر ذلك من خلال اعتراف الجزائر في 6 مارس 1976 بجبهة البوليساريو ممثلا وحيدا للشعب الصحراوي وبالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وتأكيده أيضا بخصوص فلسطين أن الجزائر لن تشارك أبدا في أي متاجرة سياسية بالقضية الفلسطينية.
بدورها، ركزت سهيلة برحو، من جامعة الجزائر 3، على الدبلوماسية الاقتصادية في عهد بومدين بالقول أنها كانت "جزءا من سياسته الخارجية التي ظهرت عن طريق محطات هامة أظهرت جانبه الاستشرافي ونظرته المستقبلية لموقع الجزائر على المستوى القاري والعربي والدولي".
وتطرقت المتحدثة للتخطيط الاقتصادي الذي انتهجه والقرارات السديدة التي اتخذها في إشارة منها إلى تأميم المحروقات التي اعتبرتها "خطوة جريئة جدا لم يسبقه إليه أي زعيم آخر في الدول النامية، وقد شكل هذا القرار السيادي صدمة آنذاك للشركات البترولية العالمية المهيمنة".
أما على المستوى الإفريقي، تقول أستاذة العلوم السياسية، فقد كان للرئيس بومدين "تصور خاص حول افريقيا، وبأن الجزائر مصيرها مرتبط بها"، ما جعله يطلق مشاريع كبرى مثل السد الأخضر وطريق الوحدة الإفريقية والبنك الافريقي".
قالمة تحيي ذكرى وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين
أحيت ولاية قالمة اليوم الأربعاء الذكرى الـ45 لوفاة الرئيس هواري بومدين (1932-1978) بزيارة منزله العائلي ببلدية مجاز عمار والمدرسة الابتدائية التي تلقى فيها تعليمه الأول بعاصمة الولاية.
وإحياء لذكرى رحيل ثاني رئيس للجزائر المستقلة في مثل هذا اليوم من سنة 1978، تنقلت والي قالمة، حورية عقون, رفقة السلطات الولائية المدنية والعسكرية والأسرة الثورية إلى منطقة العرعرة بدوار بني عدي التابع لبلدية مجاز عمار التي تبعد بنحو 12 كلم غرب عاصمة الولاية حيث يوجد المنزل العائلي الذي ولد فيه هواري بومدين يوم 23 أغسطس 1932.
وقد وقف المشاركون في إحياء الذكرى تحت سقف المنزل المتواضع المكون من غرفتين مبنيتين بالحجارة يغطيهما سقف من القرميد وسط تضاريس جبلية حيث ولد الرئيس الراحل ، وهو المنزل الذي خضع لعملية ترميم شاملة سنة 2016 ويشهد إقبالا كبيرا للزوار من مختلف أنحاء الوطن.
وبعد رفع العلم الوطني وعزف النشيد الوطني وتلاوة فاتحة الكتاب على أرواح الشهداء الأبرار بساحة المعلم التاريخي المنجز بمحاذاة المنزل العائلي لهواري بومدين, استحضر المشاركون في إحياء الذكرى الخصال البطولية و قيم الالتزام والوفاء والتضحية والفداء والوطنية الصادقة التي تحلى بها الراحل في مسيرته النضالية من أجل الاستقلال وكذا في مرحلة البناء والتشييد للجزائر المستقلة إلى غاية وفاته .
كما تنقل الوفد الولائي إلى متوسطة محمد عبده ببلدية قالمة والتي كانت في وقت الاستعمار مدرسة ابتدائية باسم "ألومبير" لزيارة القسم الذي كان يدرس به الرئيس الراحل، كما اطلع المشاركون على السجل الإداري لأسماء التلاميذ المتمدرسين في تلك الفترة ومن بينهم محمد بوخروبة، و هو الاسم الحقيقي للرئيس بومدين.
وبذات المؤسسة التعليمية, أشرفت الوالي على تدشين البورتريه الذي يحمل صورة الرئيس هواري بومدين والمصحوب بنبذة تاريخية عن حياته لتعريف التلاميذ والزوار بها.
وقد أشرفت السلطات الولائية بالمناسبة على وضع حجر الأساس لمشروع إنجاز 40 مسكنا عموميا إيجاريا ببلدية هواري بومدين قبل التنقل إلى القاعة متعددة الرياضات بذات البلدية التي احتضنت برنامجا رمزيا لإحياء الذكرى تضمن عرض شريط فيديو وتقديم محاضرة مع تكريم بعض المجاهدين وأفراد من عائلة الرئيس الراحل.