38serv
تميزت سنة 2023 في قطاع السكن بإطلاق واحدة من أكبر المشاريع السكنية المنتظرة، وهي الإعلان عن تتمة البرنامج السكني البيع بالإيجار أو ما يعرف بـ"عدل"، على أن ينطلق التسجيل فيه بداية من سنة 2024، فيما تواصلت التحقيقات بشأن البرنامج السكني الترقوي المدعم وتوزيع عدد كبير من السكنات من مختلف الصيغ في مناسبات مختلفة.
"عدل 3".. المشروع السكني المنتظر
وكان إعلان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال زيارته إلى ولاية الجلفة، عن إطلاق برنامج ثالث لسكنات البيع بالإيجار "عدل 3" خلال العام المقبل 2024، أبرز حدث في قطاع السكن، كون الصيغة السكنية لاقت إقبالا كبيرا في برنامجيها الأول الذي أطلق سنة 2001 وتمّ تجميده إلى غاية تحيينه سنة 2013، حيث استدعي المسجلون القدامى ومنحوا سكناتهم.
أما البرنامج الثاني، فقد عرف تسجيلا رقميا عبر المنصة الإلكترونية التي استحدث لذات الغرض، في سبتمبر من سنة 2013، وسجلت طلبا عليها بمليون مسجل في مرحلة أولى قبل الغربلة، وتواصل البرنامج السكني من خلال توزيع آلاف السكنات سنويا، والتي يُرتقب أن تتواصل السنة المقبلة 2024، في انتظار طي مرتقب للبرنامج السكني، موازاة مع الإعلان عن برنامج سكني آخر.
وفي هذا الشأن، كان الرئيس تبون خلال زيارة العمل والتفقد التي قادته لولاية الجلفة، قد كشف أن "افتتاح الاكتتاب في إطار البرنامج الجديد لسكنات البيع بالإيجار التي تشرف على إنجازها وكالة عدل (الوكالة الوطنية لتطوير السكن وتحسينه) سيكون اعتبارا من 2024"، حيث جاء ذلك خلال عرض جرى تقديمه بخصوص البرنامج التنموي للولاية، وعقب ذلك، قال وزير السكن والعمران والمدينة، محمد طارق بلعريبي، إن "الاكتتاب في سكنات 'عدل 3' سيكون إلكترونيا ورقميا وصفر ورقة"، مشيرا في تصريح إعلامي من ولاية بشار، إلى أنه "سيتم الاعتماد على رقم التعريف الوطني والضمان الاجتماعي في تسجيلات 'عدل 3'، وسيتم الانطلاق في الاكتتاب قبل نهاية السداسي الأول من سـنة 2024".
وفيما يخص أسعار السكنات، قال بلعريبي إنّ "فوج العمل يعمل على تحيين المرسوم التنفيذي الخاص ببرنامج 'عدل 3' الذي سيأخذ بعين الاعتبار الارتفاع الذي تشهده أسعار مواد البناء".
ويرتقب أن تطرأ على البرنامج السكني البيع بالإيجار السنة المقبلة، عدة تعديلات في شروط الاكتتاب، حيث كشف الوزير المسؤول الأوّل عن القطاع، عن عدد منها، قائلا إنه "لا يوجد تحديد لسن المتقدمين للاكتتاب في سكنات عدل 3، وأنه سيتمّ الاعتماد على القطع الأرضية الموجودة في كل ولاية".
تواصل توزيع السكنات
شهدت سنة 2023 تواصلا لتوزيع الآلاف من الوحدات السكنية من مختلف الصيغ، حيث كانت وزارة السكن والعمران والمدينة مع بداية السنة قد حددت هدفا متمثلا في بلوغ مليون وحدة قبل سنة 2024، خاصة بعدما تم تسجيل -حسب الإحصائيات المتوفرة لدى ذات الهيئةـ برنامجا متمثلا بين سنوات 2020 و2022 في توزيع أكثر من 920 ألف وحدة سكنية.
وحسب الإحصائيات المتوفرة لدى ذات المصالح أيضا، فإن عدد السكنات قيد الإنجاز يقدر بـ700 ألف وحدة من مختلف الصيغ، وهذا وفق البرنامج المسطر في إطار قانون المالية لـ2023 والمقدر بـ225 ألف وحدة سكنية، على أن يرتفع عدد السكنات الإجمالية قيد الإنجاز إلى مليون وحدة مع الانطلاق في البرنامج الذي سيتم تسطيره في إطار قانون المالية لسنة 2024.
في عيد الاستقلال.. توزيع أكثر من 150 ألف وحدة سكنية
ولعل أهم عملية توزيع تلك التي سجلت في 5 جويلية 2023، من خلال توزيع أزيد من 150 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ، عبر مختلف ولايات الوطن، حيث إنّ حصة الأسد في هذه العملية تعود إلى السكن الاجتماعي بمجموع 51.579 وحدة، تليه سكنات البيع بالإيجار (عدل) بأزيد من 41 ألف وحدة سكنية، ثم السكن الريفي بـ27 ألف وحدة و16 ألف وحدة سكنية بالنسبة لصيغة الترقوي المدعم، ومن بين الولايات المستفيدة الجزائر العاصمة بأكثر من 15 ألف وحدة سكنية، سكيكدة بأكثر من 9000 وحدة وبجاية بأكثر من 4000 وحدة.
كما كان وزير السكن والعمران والمدينة، محمد طارق بلعريبي، قد أكد على أن الكم لا يكفي في الإنجاز، ولكن وجب التركيز أيضا على النوعية، خاصة بعدما رفعت إليه بعض النقائص بخصوص الإنجاز من طرف عدد من المؤسسات في مواقع سكنية مختلفة، حيث أكد في مناسبات سابقة بأن "قطاع السكن بلغ مرحلة التحكم في وتيرة الإنجاز مع احترام معايير الجودة، حيث أصبحت المشاريع تسلم في غضون 24 شهرا"، مستدلا بولاية مستغانم التي عرفت إنجاز 780 وحدة سكنية في مدة 10 أشهر. كما وعد الوزير بأن وتيرة الإنجاز ستكون "سريعة مع احترام معايير الجودة" إلا أن مع نهاية السنة الحالية "سنصل إلى 90 في المائة من مكتتبي برنامج 'عدل 2' الذين تحصلوا على سكناتهم و92 في المائة تحصلوا على شهادة التخصيص".
إعادة بعث برنامج الترقوي المدعم
تم خلال سنة 2023 تسجيل إعادة بعث البرنامج السكني الترقوي المدعم في صيغته الثانية، والذي انطلق التسجيل فيه أواخر سنة 2019، لكنه شهد تأخرا في الإنجاز، ناتجا أساسا عن تفشي فيروس كوفيد-19، وكذا ارتفاع أسعار مواد البناء، بما جعل المرقين العقاريين يطالبون برفع تكاليف إنجازه.
وقبل أيام كانت المقاطعة الإدارية لبراقي بالعاصمة، قد كشفت عن "توطين البرامج السكنية التي كانت عالقة بسبب عدم وجود أرضية لإنجاز سكنات الترقوي المدعم، حيث استفادت بلدية براقي من 310 مسكن ترقوي مدعم منها 129 وحدة سكنية بحوش الميهوب، و181 وحدة سكنية بحي شيخ الحداد الكاليتوس، أما بلدية الكاليتوس فاستفادت من 340 مسكن ترقوي مدعم منها 60 بحي الرماضنية، والباقي 280 بحي الشيخ الحداد. فيما استفادت بلدية سيدي موسى من 140 مسكن ترقوي مدعم، منها 60 مسكنا بأولاد الشبل والباقي 80 وحدة بحي الشيخ الحداد.
من جانب آخر، تواصلت التحقيقات التي أوكلت إلى المصالح البلدية عبر الوطن، بشأن أحقية المواطنين المسجلين من الاستفادة من ذات البرنامج السكني، حيث تنقلت ذات المصالح من أجل التأكد من ملفات المعنيين، فيما أصدرت مصالح أخرى قوائم للمستفيدين المبدئيين من البرنامج السكني، ما أحدث بعض الجدل في بعض البلديات، خاصة وأن ذات البرنامج كان لاقى إقبالا واسعا، وسجلت مئات الآلاف من الطلبات، في حين تبقى الحصص السكنية المتوفرة في كل بلدية غير كافية لتلبية كل الطلبات.
وفي ذات السياق، قررت وزارة السكن والعمران والمدينة، الاستغناء عن المرقين العقاريين المتقاعسين، من خلال سحب بشكل نهائي، المشاريع السكنية من المرقين العقاريين الخواص المتعثرين، حيث تم تحويل أكثر من 8600 وحدة سكنية إلى مرقين عموميين بغرض اِستكمالها، خاصة وأنّ "عدد المرقين العقاريين المقصيين بسبب عدم استكمالهم لمشاريعهم السكنية بلغ 17 مرقيا، أي ما يُعادل 12638 سكن متوقف على المستوى الوطني، تم منها إسناد 8647 سكن إلى مرقين عموميين، لا سيما دواوين الترقية والتسيير العقاري، وكذا الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره "عدل"، أي ما يعادل 70 في المائة من إجمالي المشاريع".
لا استغناء عن الطابع الاجتماعي في السكن
أكد المسؤولون عن قطاع السكن والعمران والمدينة في أكثر من مناسبة أن "الدولة متمسكة بالطابع الاجتماعي في القطاع، حيث نفوا التخلي عن الصيغة السكنية العمومي الإيجاري أو ما يعرف بـ"الاجتماعي"، المخصصة لذوي الدخل الضعيف الذين لا يزيد أجرهم الشهري عن 24 ألفا، مع احتمال رفعها، لكن مع الإبقاء على هذه الصيغة التي استفاد منها مئات الآلاف من المواطنين خلال السنوات الأخيرة، كما أنّ الدعم الموجه للطبقة المتوسطة في مجال السكن سيبقى متواصلا من خلال الصيغ السكنية المختلفة، سواء البيع بالإيجار "عدل" أو الترقوي المدعم أو الصيغ الموجهة لدعم البناء الريفي.
وكان مواطنون قد طالبوا في وقت سابق بضرورة رفع القدر المحدد للاستفادة من سكنات الإيجاري العمومي، من أجر شهري لا يتعدى الـ24 ألف دينار، إلى ما أكثر، لكي يتمكن العديد من المواطنين من الاستفادة من ذات الصيغة السكنية.