+ -

بعدما بلغت المنظومة الكروية الجزائرية القاع، وبدأت في الحفر بحثا عن السقوط في هاوية أكثر عمقا، استعادت اتحادية كرة القدم نوعا من الأمل لإنهاء عهدة ليست ككل العهدات. فيها كتب سِجِل "الفاف" اسم صادي ليكون ثالث رئيس لنفس العهدة الأولمبية، التي أعقبت عهدة كاملة سابقة للرئيس خير الدين زطشي، انتهت بانتقال المنظومة بينه وبين سابقه محمد روراوة، من النقيض إلى النقيض.

ولأن أصوات المدافعين عن المنظومة، على قلتها، دوّت لسنوات وسط أبواق الدعاية دون أن يأتي ذلك التغيير الحقيقي لإصلاح واقعها، فقد ورث الرئيس الجديد وليد صادي عن جهيد عبد الوهاب زفيزف، حقيقة مرة، سبق لمن سبق زفيزف، ونعني به عمارة شرف الدين، أن واجهها حين تولى تسيير الاتحادية خلفا لزطشي، وخرج شرف الدين مرغما بعد عام فقط، لإصرار "قوى الشر" على البقاء بالكرة الجزائرية في مستنقع "استنزاف ثرواتها" والإبقاء على أنفسهم منتفعين من شهرتها.

قدوم وليد صادي، الرئيس الشاب ورجل الأعمال وصاحب الخبرة في مجال تسيير الاتحادية بالمفهوم الراقي للتسيير، جنّب، منذ البداية، ضربة قاصمة من "الفيفا"، بسبب قضية ديون اللاعبين وعدم معاقبة نواد لم تطلها "مقصلة" قوانين "الفيفا" الردعية المتعلقة بـ "عدم تسديد الديون"، كون "مراوغات" المكاتب السابقة للاتحادية ورؤساءها في قضية "عدم تطبيق القانون"، وترجيح كفة الأندية على حساب اللاعبين فيما يتعلق بالمستحقات المالية، ألقى بظلاله على الرئيس الجديد وليد صادي، وقد نجح "الرجل" في إبطال مفعول "القنبلة الموقوتة" قبل "انفجارها" في وجه المنظومة الكروية.

وفتح الرئيس الجديد عهدا جديدا للاتحادية أثار حساسية المغامرين والمنتفعين، وهو عهد مبني على الكفاءات والنزهاء من الأشخاص المغيبين قسرا في العهد السابق الذي لم يكن يعترف سوى بالمغامرين وفاقدي الفكر والطرح، ممن جعلوا الكرة الجزائرية رمزا للفوضى وسوء التسيير، بل ومضحكة أمام الجميع، فتحولت الجزائر كرويا، ضعيفة، وتسييريا عاجزة، رغم كل الذي استفاد منه هؤلاء من أموال ودعم على الدوام.

العهد الجديد للاتحادية، قبل انقضاء مائة يوم عن استلام "الفريق الجديد" لمهامه، أفضى إلى مجموعة من القرارات الجريئة المغيبة في العهد السابق.. هي قرارات فتحت ملفات عديدة، جعلنا مَن سبقوه، نعتقد خطأ بأنها "شائكة"، حيث أفضت الخطوات الأولى إلى مجموعة من الحلول العملية التي تقدّم مؤشرات قوية على أن الكرة بدأت تتسلق من أجل مغادرة مكانها "تحت القاع".

ولأن الرئيس الجديد وجد اتحادية منهارة من جميع النواحي، فإن بداية إعادة البناء يرتكز حسب "الأولوية"، أبرزها إعادة النظام إلى الاتحادية وهيئاتها، وإرساء قواعد الشفافية في العمل والتعامل، فضلا عن التواصل المتواصل مع الفاعلين في المنظومة من أجل إزالة آثار فضائح التسيير خلال ست سنوات.

بقي على وليد صادي، وهو يواجه انتقادات أبواق المنتفعين من العهد السابق ومن عرابي الفوضى وأعداء الكفاءات، الصمود في بداية الطريق أمام "مطبات" مرتقبة ومفتعلة، على أن يعمل، في وقت لاحق، على تمكين الجزائر من استعادة هيبتها القارية والدولية، وهو هدف يستدعي دعما أكبر، إذا أردنا فعلا إنهاء عهد "الحڤرة" التي تتعرض لها الكرة الجزائرية قاريا.

ينبغي التأكيد أيضا على أن "قوى الشر" تصر على الإضرار بالكرة الجزائرية؛ طالما أن أولوية هاته القوى هي المصلحة الشخصية. ومن العهد السابق أدلة قاطعة على أن مشكل الكرة الجزائرية أعمق مما يمكن تصوّره، فالأمر يتعلق بداء أوجد له البعض البيئة المناسبة لانتشاره، فجاءت مصلحة هؤلاء بـ "حالة مَرَضية"، لتقتل في المهد أي مفهوم لـ "اللوبيينغ"، على اعتبار أن هذا المصطلح لا أثر له في قاموس جمع المنتفعين من المنظومة، بما جعل تفكير إرسائه (اللوبيينغ) على الصعيدين القاري والدولي كرويا، ضربا من الخيال.

الكرة الجزائرية بالاتحادية الجديدة، قدّمت - على الأقل - نية صادقة وإجراءات واضحة للارتقاء بكرة القدم إلى الأعلى، ومحاسبة "فريق" بعد أقل من أربعة أشهر، في وقت بقي أحد من سبقه لأربع سنوات كاملة في مشروع "البناء والتهديد" لا يمكن وصفه سوى بـ "المؤامرة"، ليس ضد الشخص، إنما ضد مصلحة الجزائر، وهو واقع لا يدفعنا اليوم إلى البحث عن معالجة "المرضى"، إنما أصبحنا أمام آخر مراحل العلاج، ونقصد به "الكيّ".

 

كلمات دلالية: