+ -

سيكون الرعايا الجزائريون غير النظاميين في صدارة المتضررين من القانون الجديد، بحكم أن فرنسا تعد الوجهة الرئيسية لهم لأسباب تضم اللغة ووجود أقارب لهم هناك، والتسهيلات السابقة المتاحة في تسوية الوثائق.

وفي هذا السياق، أشار الناشط في أوساط الجالية محمد بنقالة، في تصريح لـ "الخبر"، إلى أن هذا التشريع الذي اعتمده البرلمان الفرنسي قانون عنصري خالص ويكرس التمييز العنصري، إذ يحرم الأجانب من كثير من الامتيازات التي كانت توفرها الدولة الفرنسية، منها العلاج المجاني لذوي الدخل المحدود الذين لم تُسوَّ وضعيتهم القانونية في مجال الإقامة، وتقييد دخول الطلبة الأجانب عبر اشتراط دفع وديعة للحصول على تصريح إقامتهم، وتقديم دليل كل عام على الطبيعة "الحقيقية والجدية" لدراساتهم، وتقييد التجنس للمولودين بفرنسا، تجريد مزدوجي الجنسية الذين يرتكبون جرائم ضد قوات الأمن، لم الشمل العائلي مع تمديد الإقامة المطلوبة إلى 24 شهرا، ورفع عمر الشريك (في الزواج) إلى 21 سنة كاملة، مع اشتراط الحد الأدنى من معرفة اللغة الفرنسية، وإعادة الوصف الجنائي للإقامة غير الشرعية.

ولفت الناشط إلى الصعوبات التي تنتظر فئة من الرعايا ذوي الأصل الجزائري، أو من أسماهم أولئك الذين لا يُرغب في وجودهم على التراب الفرنسي، مما يوجب حسبه تدخل الدولة الجزائرية في هذا الملف، لأن الكثير منهم لا يوجد له أهل على الأراضي الجزائرية. ولم يستبعد الناشط قيام السلطات الفرنسية برفع عدد المطرودين من هذه الفئة، ما يوجب على السلطات أخذ احتياطاتها.

ويشير بنقالة هنا إلى فئة من المحكوم عليهم والمسبوقين قضائيا من الأحداث والبالغين، الذين أصبح متاحا للسلطات الفرنسية إبعادهم بموجب القانون الجديد.

ويعد هذا الملف من القضايا النزاعية بين الجزائر وفرنسا في الأعوام الأخيرة، مع ظهور موجة التشدد والتنقل إلى مناطق النزاعات في العالم التي استهوت المهمشين من بناء الجالية، حيث رفضت الدولة الجزائرية بإصرارٍ تسلم المصنفين ضمن قائمة التهديد الأمني المولودين على الأراضي الفرنسية، ما تبعه قرارات انتقامية فرنسية عبر تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين.

 

الجزائريون ليسوا فوق القانون

 

ومن جانب القانون الدولي، لا يخضع المهاجرون الجزائريون نظريا لأحكام التشريع الفرنسي الجديد، وأشار نائب الهجرة عبد الوهاب يعقوبي، في تعقيب على سؤال "الخبر" عن الآثار القانونية للتشريع الجديد على امتيازات للجالية الجزائرية بفرنسا، أوضح أن وضع الجالية الجزائرية متكفَّلٌ به بموجب الاتفاقية المشتركة لعام 1968، مضيفا أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الداخلية، وهو ما أشار إليه اليمين في لائحة إسقاط اتفاقية الهجرة.

وتوقع يعقوبي مع ذلك أن يكون للقانون الجديد الذي صادقت عليه الجمعية الوطنية، سهرة الثلاثاء الماضي، تبعات على الجالية الجزائرية التي تعد بالملايين.

 

تحالف ماكرون مع اليمين

 

جاء التشريع الجديد للهجرة عاكسا للتحول الحاصل في المجتمع الفرنسي، والذي ميزه تصاعد المد الشعوبي المعادي للهجرة، وتُرجم في خوض مرشحين لليمين الفرنسي مرات عدة الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية.

ويأتي هذا التشريع بعد عامين ونصف من إصدار قانون "مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية" المثير للجدل، والذي جرى التعريف به أول مرة باسم "مكافحة الإسلام الانفصالي".

وبموجب ذلك القانون، تصل عقوبة من يُدان بجريمة "الانفصالية" التي أنشأها إلى السجن 5 سنوات، وغرامات تصل إلى 75 ألف أورو لمن يهددون أو يعتدون على مسؤول منتخب أو موظف مدني، لعدم رغبتهم في اتباع القواعد التي تحكم الخدمات العامة الفرنسية، مثل رفض الخضوع للفحص الطبي من قبل طبيبة، كما ينص على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها، ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين. ويفرض قيودا على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، كما يحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي.

ويزيد التشريع الجديد مزيدا من حجم التحديات في علاقات الجزائر وباريس، في ظل التحالف الواضح بين الرئيس الفرنسي واليمين بجناحية المتطرف والتقليدي.

وفي السياق، يدعو رأي لاعتماد إجراءات عقابية في حق فرنسا إذا لم تعد النظر في هذا القانون الذي يُظهر إدارة فرنسا ظهرها لملايين من المهاجرين الذين شاركوا في تحرير فرنسا أو بنائها بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، وباعتبار أنه يفرّغ في الواقع اتفاقية الهجرة من محتواها، ويكون الرد الجزائري بإضعاف أكبر للنفوذ الفرنسي في الجزائر، وتعزيز التحالف مع دول أخرى توفر فرصا أكبر للمهاجرين الجزائريين.