يعود اسم ليلى مزيان ( نور الدين ) ابنة الأربعاء ناث ايراثن، للواجهة مع أحداث غزة كونها الجزائرية الوحيدة التي استشهدت تحت القصف الإسرائيلي لمدينة بيروت بلبنان سنة 1976، خلال نضالها في صفوف المقاومة المسلحة التابعة لجبهة تحرير فلسطين تحت قيادة جورج حبش، حسب البورتري الذي نشره الصحفي حميد طاهري بجريدة " الوطن" الناطق باللغة الفرنسية.
ليلى نورالدين المولودة سنة 1947 بحي بئر مراد رايس في الجزائر العاصمة هي ابنة الفنان ومطرب الأغنية القبائلية وأحد مؤسسي الإذاعة الناطقة بالقبائلية والمجاهد الشيخ نور الدين من مواليد 1918 بمنطقة الاربعاء ناث ايراثن بتيزي وزو والمشهور بأدواره في عدة أفلام جزائرية والبومات غنائية مع رفيقه سليمان عازم.
ليلى الشهيدة كانت طالبة في الصحافة جامعة الجزائر سنوات السبعينيات، تعرفت فيها على ممثلي حركات التحرر العالمية حينما كانت الجزائر " مكة الثوار" وحضورها للنقاشات الفكرية والسينما في نادي السينما لعبد الحكيم مزياني بقاعة السينماتيك وكذا مساهمتها في النقاش مع الاتحاد الوطني الطلبة الجزائريين.
دفعها نضالها مناضلة تقدمية وإيمانها الراسخ بالقضايا العادلة وخاصة القضية الفلسطينية إلى الانخراط في صفوف المقاومة المسلحة والمشاركة في العديد من العمليات المسلحة في بيروت مع جماعات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وتعرضها لإصابات، بالإضافة إلى اشتغالها كصحفية في وكالة الأنباء الفلسطينية "وفاء". كان الشيخ نور الدين فخور بنضال ابنته ليلى وقوة شخصيتها واستماتتها في الدفاع عن مواقفها الإنسانية وتحرير فلسطين.
كما يتذكر الصحفي السابق فوضيل اورابح على صفحته الخاصة، الاحترام والفخر تجاه شخصية ونضال ليلى نور الدين خلال فترات عودتها من لبنان إلى الجزائر وقبل استشهادها في بيروت. عرفت خلال مسارها مناضلين آخرين كمحمد بودية وكارلوس.
كانت ليل البنت البكر لعائلة تضم 6 أشقاء وشقيقتين، درست في دير الأخوات بسان شارل بالقرب من مستشفى العسكري بعين النعجة في الجزائر العاصمة، حيث اتقنت اللغة الفرنسية. يروي شقيقها يحي شدة تأثر والده بكاءه عند استلامه تيليغرام يعلن استشهادها في بيروت سنة 1976 في قصف إسرائيلي. بعد يومين أوفد الرئيس هواري بومدين أحد كبار موظفيه وهو الحاج يعلى لتقديم التعازي لعائلة الشيخ نور الدين واخباره باستحالة تحويل الجثة لدفنها في الجزائر.
رفضت العائلة كذلك اقتراح السلطات الفرنسية تحويل الجثة، مفضلين دفنها في مكان استشهادها والأرض التي دافعت من أجلها. سرد يحي عمل بطولي آخر قامت به شقيقته ليلى سنة 1958 وعمرها 10 سنوات، عندما تكفلت بنقل مسدس رماه أحد الفدائيين في ساحة منزلهم بحي خوجة الجلد ببئر مراد رايس وقامت بوضعه في حفاظات شقيقها الرضيع حليم وخبأته عند إحدى قريباتهم.
بعد الاستقلال التحقت ليلى بمقر قيادة العقيد محند ولحاج وانتقلت معه عند نشوب النزاع مع المغرب حول الحدود الغربية، بشهادة الصحفي العربي اوشريف الذي يتذكر بأن ليلى كانت من بين 32 متطوعا استجابوا لنداء التجند سنة 1963 من إجمالي 700 مسجل في القائمة بمقر الاتحاد الوطني للطلبة.
ومن بين الحاضرين عزيز بلقاسم عضو اللجنة التنفيذية (تم اغتياله من طرف الإرهابيين بحي باب عزون) ومالك صاحا وزهرة جازولي طالبة في الآداب وجمال لعبيدي. تسلموا بدلاتهم العسكرية بمقر الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين قبل الالتحاق بمطار الدار البيضاء لكن واجهتهم مشكلة تمثلت في بقاء مطار كولوم- بشار تحت التسيير الفرنسي حسب اتفاقيات ايفيان، لكن الأمر تم حله و نزل وفد المجندين المتطوعين من بينهم ليلى في بشار في آخر المطاف. لم يتسن لعائلة ليلى الحصول على شهادة وفاتها في بيروت إلا في السنوات الأخيرة.