+ -

تطرق وزير المالية لعزيز فايد في الحوار الذي خص به جريدة "الخبر" إلى كل الملفات المتربطة بقطاعه من قانون المالية 2024 إلى ملف رفع الأجور مرورا بالقدرة الشرائية، نقترح عليكم متابعة كل ما قاله الوزير عبر المواضيع التي تنشر اليوم ف  الموقع.

 

قانون المالية والقدرة الشرائية

"أولا يعد قانون المالية أداة من أدوات تطبيق برنامج السيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ومخطط الحكومة لسنة واحدة. ما يميز مشروع قانون سنة 2024 أنه جاء لتطبيق العديد من قرارات رئيس الجمهورية التي تم اتخاذها في الاجتماعات السابقة لمجلس الوزراء وأهمها تلك المتعلقة بإلغاء الرسم على النشاط المهني "تي أ بي"، القرار الذي يعد من الالتزامات الأربعة وخمسين للرئيس. ويعتبر هذا الرسم من مخلفات الإصلاح الجبائي لسنة 1992، حيث شكل عبئا ثقيلا على كاهل المؤسسات الوطنية، وقد تم تعويض الإيرادات المتأتية من هذا الرسم الذي يمثل 70 بالمائة من مداخيل الجماعات المحلية بالمداخيل المحصلة من الرسم على المنتجات البترولية "تي بي بي" والمقدرة بـ186 مليار دينار، مقابل 120 مليار دينار كانت تحصل من الرسم على النشاطات المهنية الذي تم إلغاؤه.

دائما في إطار التدابير الهامة التي جاء بها مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، ومرافقة للمجهودات المبذولة لتخفيض أسعار المواد الأساسية في السوق الوطنية، فقد تقرر إلغاء الرسم على القيمة المضافة "تي في أ" المطبق على البقوليات واللحوم البيضاء والبيض. كما خصصت الدولة أغلفة مالية هامة في ميزانية 2024 للتحويلات الاجتماعية والتي ارتفعت قيمتها إلى 2900 مليار دينار توجه حصة الأسد منها إلى دعم أسعار المواد الأساسية، حيث تم تخصيص 603,761 مليار دينار من هذه الأموال لدعم أسعار الحبوب والزيت والسكر والحليب. أما فيما يخص الدعم المباشر وغير المباشر فقد ارتفعت قيمته إلى 8000 مليار دينار، كل هذه الأغلفة المالية من أجل دعم القدرة الشرائية للمواطنين وامتصاص انعكاسات الصدمات المالية التي تشهدها أغلبية دول العالم على الأسواق الوطنية.

من جهته، كان مشروع قانون المالية التصحيحي لسنة 2023 قد خصص مبالغ هامة لإنجاز بعض المشاريع الاستثمارية التي ستساهم في إعادة بعث التنمية في العديد من الولايات، ما الدور الذي ستلعبه مثل هذه المشاريع في إنعاش حركية الاقتصاد الوطني؟

أولا وقبل أن أجيب على هذا السؤال، يجب أن نعلم جميعا أن الهدف المرجو تحقيقه من خلال المجهودات التي تبذلها الدولة، لاسيما تلك المتعلقة بالمجال المالي والاقتصادي، هو تحقيق الرفاهية للمواطن الجزائري.

وعليه تم تخصيص مبالغ معتبرة لدعم الاستثمار المحلي من خلال توجهيها نحو الولايات والمناطق التي تحتاج دفعا وتحسينا في قطاعات مختلفة، على غرار الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، حيث خصصت هذه المبالغ لإنجاز عدة مشاريع مثل إنجاز خط السكة الحديدية بشار-غار جبيلات، الذي سيساعد على نقل إنتاج المنجم نحو المصانع ومراكز التحويل. تجدر الإشارة إلى أن المداخيل التي يحققها هذا المنجم تسهم بشكل فعال في دفع التنمية الاقتصادية، فضلا عن برنامج تعزيز المنشآت القاعدية وتأمين الحدود الجنوبية للبلاد في ولاية بشار.

كما تم تخصيص مبالغ لتوسيع ميناء المواد الأولية بعنابة وتمويل مقاطع الطّريق العابر للصحراء على مسافة 145 كلم. علاوة على ذلك، خصصنا مبالغ في قطاع الري لأجل ضمان التزويد بالمياه الصالحة للشرب لولاية بشار بداية من حقل القطرانِي، ومبالغ لمشروع تهيئة وتصفية واد الحراش، وتعزِيز التّزويد بالمياه الصالحة للشرب بسيدي بلعباس لأجل تحسين الحياة المعيشية للمواطنين وغيرها من الاعتمادات المالية المخصصة لولايات أخرى، وهذا ما يعد ضرورة لاستغلال كافة الموارد المحلية المتاحة وتوظيفها من أجل تحقيق التنمية وتطويرها على المستوى المحلي. وتعد هذه الاستثمارات بمثابة تغيرات هامة موجهة لفائدة المواطنين، وتُكسب المجتمع القدرة على التطور المستمر الذي يضمن تحسين نوعية الحياة ويكفل إشباع الحاجات الأساسية عن طريق استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، ما سيسهم في تحقيق التنمية ودفع الاقتصاد الوطني من خلال تحسين مقومات الحياة وزيادة الدخل القومي الحقيقي ورفع مستوى المعيشة.

بذلت السلطات العمومية جهودا كبيرة من أجل تعزيز مداخيل الأسر الجزائرية وتحسين قدرتها الشرائية من خلال مراجعة جدول الضريبة على الدخل الإجمالي والزيادة في أجور المستخدمين الناجم عن مراجعة شبكة النقاط الاستدلالية، وكذا تثمين منحة البطالة ورفع معاشات منح التقاعد، وذلك تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. ما هي تداعيات هذه القرارات على القدرة الشرائية للجزائريين وإلى أين وصل تجسيدها؟

بالنسبة لملف رفع الأجور تم رصد 590 مليار دينار أخرى في ميزانية مشروع القانون لسنة 2024، وهو نفس الغلاف المالي الذي تم تخصيصه السنة الماضية لنصل من خلال هذه الزيادات إلى ارتفاع في رواتب الموظفين المعنيين بهذه الزيادات والمقدر عددهم بمليونين وثمانمائة وخمسة وستين ألف موظف بنسبة 47 بالمائة.

وكان قانون المالية لسنة 2022 قد أقر زيادات في الأجور من خلال تخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي ورفع النقطة الاستدلالية لموظفي الإدارة العمومية، فضلا عن رفع معاشات التقاعد واستحداث منحة البطالة، وذلك تنفيذا للتعليمات التي أسداها السيد رئيس الجمهورية الملتزم بتحسين معيشة المواطنين ودعمهم منذ توليه سدة الحكم.

ولعل أيضا من أبرز الأهداف التي جاء بها قانون المالية التصحيحي لسنة 2023 هو الاستمرار في الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر ودعمها وتعزيز الأمن الغذائي ودعم برنامج الاستثمار العمومي لفائدة بعض الولايات، من خلال التدابير الجديدة المتخذة والمتمثلة في الزيادة التي عرفتها نفقات الميزانية التي ستسمح بالتكفل بالأثر المالي الناجم عن تنفيذ قرارات السلطات العمومية، على غرار تحسين الأجور ومنحة البطالة ومنح التقاعد ومواصلة المجهودات الاستدراكية لفائدة بعض الولايات، فضلا عن ضمان الأمن الغذائي عن طريق رفع قدرات تخزين الحبوب ودعم المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع وكذا تحسين ظروف الفئات الاجتماعية المحتاجة من خلال إعادة تثمين المنحة الجزافية للتضامن لصالح الفئات الاجتماعية الفقيرة.

كلها إجراءات تضمن العيش الكريم للمواطن عبر دعم السلع واسعة الاستهلاك ودعم الدينار الجزائري ودعم القدرة الشرائية للمواطن.

ستمكن هذه القرارات من تحسين المعيشة وبالتالي دفع الاقتصاد وتحريك النشاط الاقتصادي والتجاري، كما ستسمح بتحفيز الموارد البشرية وحماية القدرة الشرائية ومواجهة الارتفاع المستمر في الأسعار، الذي تعرفه سائر دول العالم حاليا.

كلمات دلالية: