لهذه الأسباب موقف الجزائر من "قمة القاهرة للسلام" كان صائبا

38serv

+ -

فشلت "قمة القاهرة للسلام"، التي احتضنتها العاصمة المصرية القاهرة بحضور عدة دول عربية وغير عربية السبت، في إصدار بيان ختامي حول الوضع المتدهور وغير المسبوق بقطاع غزة الفلسطيني، نتيجة العملية العسكرية الهمجية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي ولم يسلم منها لا البشر ولا الحجر بالقطاع المحاصر.

فشل قمة السلام تجلى بشكل رئيسي في عدم إصدار بيان ختامي بسبب تباين المواقف بين الدول الأوروبية التي أصرت على إدراج عبارة تؤكد على ما تصفه "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" و"إدانة المقاومة وحركة حماس"، في المقابل رفضت دول عربية المطالب الأوروبية، وأمام تباعد المواقف وإصرار كل طرف على موقفه كان القرار النهائي بعدم إصدار بيان ختامي.

وبخصوص أسباب فشل "قمة السلام" يرى حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط، في تصريح لـ"الخبر"، أن مصر "رفعت سقف تطلعاتها عاليا دون مراعاة تعقيدات المشهد الفلسطيني. أرادت التوصل إلى اتفاق وقف القتال، لكن الغياب الملحوظ للعديد من الدول المهمة فضلا عن الاختلافات الحادة بين المشاركين حول شرعية الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في الدفاع عن النفس حال دون إصدار بيان ختامي". وأبرز في هذا السياق أنه "ماعدا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لم تتم دعوة حماس ولم تحضر إسرائيل إلى المؤتمر وكان حضور الولايات المتحدة باهتا، ما نسف آمال المشاركين في التوصل إلى اتفاق".

وشاركت في "مؤتمر القاهرة للسلام"، الذي رفضت الجزائر حضوره، 31 دولة و3 منظمات دولية، حيث شارك كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس المجلس الأوروبي والأمين العام للجامعة العربية وقادة ومسؤولين من فلسطين وقطر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والعراق والمغرب وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وقبرص والنرويج وتركيا والبرازيل ومبعوثين خاصين لكل من الولايات المتحدة والصين.

وفي قراءته لخلفيات تباين المواقف الذي ظهر جليا منذ بداية المؤتمر، أوضح الدكتور حسني عبيدي أنه "منذ بداية المؤتمر، اقترح الرئيس المصري خارطة طريق لتقديم مساعدات إنسانية مستدامة إلى قطاع غزة ووقف إطلاق النار بين الجانبين ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة واستئناف المناقشات السياسية" لتؤدي "إلى حل الدولتين داخل حدود عام 1967 مع القدس الشرقية عاصمة فلسطين".

لكن في المقابل، غالبية الممثلين الأوروبيين رفضوا البت في هذا الموضوع وتمسكوا بحق "إسرائيل في حماية نفسها بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر ودعوا إلى وصف حماس بأنها منظمة إرهابية"، حسب ما ذهب إليه المتحدث الذي أكد أنه "كان من الصعب على مصر أن تحقق أدنى اختراق في زمن قياسي لا يتجاوز ساعات معدودات".

وفي قراءته للأسباب التي دفعت الجزائر لرفض المشاركة في المؤتمر، حيث رفضت حضور القمة، يقول الدكتور حسني عبيدي إن الجزائر رأت "أن قمة القاهرة تعقد في زمن قياسي ولم يحضر لها كما ينبغي لتكون في مستوى تطلعات الشعب الفلسطيني، خاصة في مواجهة موقف غربي متماسك ومتحيز للموقف الإسرائيلي".

وأوضح المتحدث في هذا السياق أن "المقاربة الجزائرية تتبنى موقف السلطة الفلسطينية وترفض تجزئة الموقف الفلسطيني من خلال ضرب فصيل بفصيل ثان"، كما أن الجزائر وفق تقديره "ترى في أن الموقف العربي مبعثر ومنقسم على نفسه، خاصة منذ تطبيع دول عربية مع إسرائيل دون مراعاة الموقف الفلسطيني ومخالفة مبدأ وحدة الصف الذي تستغله إسرائيل والدول الغربية".

وأكد مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط أن "حضور الجزائر حتى على مستوى وزاري يمكن أن يقرأ كتكريس للوضع الحالي وقبول به، ففضلت عدم الحضور لعدم شرعنة الاحتلال وللتعبير عن تحفظها ومعارضتها للإدارة الحالية للصراع العربي الإسرائيلي من قبل بعض الدول العربية".

ومعلوم أن اجتماع القمة لوزراء الخارجية العرب أظهر حجم تباين مواقف الدول العربية نفسها حول الوضع في غزة، ما دفع عدة دول إلى التحفظ على البيان الختامي الذي ساوى بين الضحية والجلاد، ما أعطى نكهة لما ستكون عليه مخرجات "قمة القاهرة للسلام".

إن فشل "قمة القاهرة للسلام" أظهر صواب موقف الجزائر التي رفضت المشاركة، لإدراكها أن المؤتمر بتركيبته وأجندته والظرفية التي انعقد فيها لن يقدم شيئا للفلسطينيين، بل على العكس أضر بالشعب الفلسطيني وبمعنوياته في هذا الظرف الحالك الذي يمر به.