تحالف قيادات المسلمين يدعو إلى الدفاع عن الإسلام وحماية مسلمي أوروبا

+ -

 توّجت أشغال الجمعية العامة التأسيسية لتحالف المساجد والجمعيات وقيادات المسلمين في أوروبا، المنعقدة أول أمس السبت، بتزكية عميد مسجد باريس الكبير، الأستاذ شمس الدين حفيز، رئيسا لتنسيقية المساجد والقيادات الإسلامية في أوروبا، وتكليفه بإعداد القانون الأساسي، مع الموافقة على مقرها بمسجد باريس.ودعت تنسيقية المساجد والقيادات الإسلامية في أوروبا، في بيانها الختامي، تلقت “الخبر” نسخة منه، ليلة أول أمس، التحالف إلى “تعزيز الهياكل الدينية، والعمل الفعّال على مستوى جميع البلدان الأوروبية، في مختلف الميادين، بما في ذلك التعليم والتضامن والثقافة وقضايا الأديان”، معتبرة أن هذا اللقاء “يمثل حدثا تاريخيا في حياة المسلمين في أوروبا”.وجاء في البيان الختامي الممضى من قبل الأستاذ شمس الدين محمد حفيز (فرنسا) والأستاذ عبد الصمد اليزيدي (ألمانيا) والدكتور دانيال عابدين (ألمانيا) والشيخ الدكتور أحمد المفرح (النمسا) والشيخ عبد الله فاضل (بلجيكا) والشيخ مصطفى سيريك (البوسنة والهرسك)، أن اجتماعهم “يظهر روح التضامن بين مسلمي أوروبا، ورثة الإسلام الوسطي، وهو يجمع الكلمة في فرنسا وأوروبا في رحاب مسجد باريس الكبير، يتقاسمون القيم الإنسانية والروحية المشتركة”، وفي الوقت ذاته “يمهدون الطريق لإسلام الاندماج في جميع دول القارة الأوروبية”.ويرى تحالف قيادات العمل الإسلامي في أوروبا أنه “من واجبه المساهمة في مواجهة الانحرافات الأيديولوجية الخطيرة التي يروّجها البعض باسم الإسلام، بحكم إدراكه جيّدا للصورة السيّئة التي يعكسها المتطرفون من جميع الأطراف عن ديننا الجميل، الإسلام”. وشدّدوا على ضرورة أن “يبذل التحالف كل ما في وسعه للدفاع عن الإسلام الأصيل ونشره، إسلام السلام والخير والعدالة والأخوة بين الناس”، مؤكدين “التزامهم بحماية المسلمين في أوروبا، وحماية أماكن عبادتهم، ضد الأفكار والأفعال المعادية للمسلمين، والتي تشهد تزايدا مستمرا”.ولفت البيان إلى أن المساهمات المختلفة لكبار الشخصيات الدينية من مختلف أنحاء أوروبا، أظهرت “مدى تصميم المسلمين في أوروبا على ممارسة عبادتهم بكرامة واحترام، ووفقًا للتشريعات الأوروبية، كما أظهرت مداخلاتهم خلال هذه الجمعية التأسيسية مدى تعقيد الصعوبات المتعلقة بممارسة المسلمين لشعائرهم، سواء منها المالي أو الإنساني”.وأعربت القيادات الإسلامية المشاركة في هذا التحالف عن ارتياحها الكبير ورضاها بسبب “اتحادها في هذا اليوم”، على الرغم من “أهمية العمل الذي يضطلعون بتحقيقه”، معتبرين أن هذا “العمل هو استمرار لمسيرة المسلمين منذ أكثر من قرن من الزمان، خاصة في فرنسا أين أراد التاريخ أن يضم عملهم وتضحياتهم وتطلعاتهم، إلى عمل جميع المواطنين الفرنسيين لبناء مجتمع المصير الواحد”.واعتبر بيان التحالف أن “تزايد أعداد المواطنين المسلمين في أوروبا مع مرور الوقت، وظاهرة العودة إلى الدين التي ميّزت نهاية القرن العشرين، فضلا عن الأحداث الكبرى التي شهدها عصرنا، كلها عوامل أثارت ولا تزال تثير العديد من القضايا حول تنظيم الإسلام، وتمثيله، وممارسته”.وبعيدا عن الأحداث الحالية التي تشوّش أحيانا على معالم هُوية مسلمي أوروبا، أكد البيان أن “المواطنين المسلمين في أوروبا يشكلون جزءا لا يتجزأ من تاريخها والمجتمع الأوروبي، وهم ملتزمون في هذا المجتمع، وأن الإسلام لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع القوانين الأوروبية”.وكشف البيان الختامي أن تحالف المساجد والجمعيات وقيادات المسلمين في أوروبا، الذي يجمع ممثلين عن المساجد المهمة في أوروبا “مُستوحى من أول مسجد في تاريخ الإسلام، مسجد المدينة المنورة الذي كان زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلّم النواة الأولى للمجتمع المسلم، بكل ما يعنيه ذلك من أدوار قام بها، سواء من حيث الجانب الديني والثقافي والسياسي والاجتماعي، أو العلاقات السلمية مع أصحاب المعتقدات الدينية الأخرى”.وفي هذا السياق، ذكّر تحالف القيادات المسلمة بالوظائف المختلفة للمسجد التي يقوم عليها في محيطه، سواء في جانبه الديني، وهي المهمة الأولى للمسجد، ويجب أن يتولاها أئمة أكفاء ومنفتحون على المجتمع وتنوعه وتحدياته، أو في جانبه التعليمي عملا بتعاليم الإسلام، إذ يحتل التعليم مكانة سامقة، ولا يقتصر فقط على التعليم الديني بل يشمل التعليم العام؛ على شكل دورات تعليمية موجهة للجميع دون استثناء، ويمكن حتى لغير المسلمين المشاركة فيها، أو في جانبه الثقافي، بحكم أن المسجد يلعب أيضا دورا هاما في المجال الثقافي، من خلال الأنشطة التي يتم تنظيمها دوريا، والتي يدعى إليها أشخاص من مختلف الانتماءات الأخرى، لمناقشة مجموعة متنوعة من المواضيع، كالمؤتمرات المتعلقة بالعقائد وغيرها... معارض الكتب، الحوار بين الأديان، وهي مفتوحة للجميع دون تمييز. ومن هنا، يعدّ المسجد عاملا هاما في الثقافة المشتركة بين الأديان، التي لا غنى عنها للعيش معا، أو في جانبه الاجتماعي، بحكم أن المسجد يؤدي وظيفة اجتماعية، باعتباره مكانا للوساطة يمارس تأثيرا مهما في المجتمع، من خلال الإمام الذي يعتبر الشخصية المحورية التي تحركه وتبعث فيه الحيوية، لأن مهمة الإمام لا تقتصر فقط على أداء الصلوات اليومية، بل تتجاوز ذلك بكثير، إلى لعب دور المصلح، الوسيط في فض النزاعات الاجتماعية والزوجية... وغيرها، حيث يكون عنصرا أساسيا في تقديم المشورة للناس وإصلاح ذات بينهم، ونصحهم، وتوجيههم في حياتهم اليومية، ويشارك المسجد أيضا في الأنشطة الخيرية التكافلية، من قبيل مساعدة الفقراء والمعوزين. وفي الجانب التدريبي، يقع المسجد في صلب تكوين الأئمة والمرشدين، إذ يمكنه توفير التكوين لموظفي المستشفيات والسجون الحاليين، من أجل فهم المرضى والسجناء المسلمين، وخدمتهم بشكل أفضل.وشدّد البيان على أن الحوار بين الأديان من أهم أدوار المسجد، ويشكل خطوة ضرورية ومثمرة في التقارب بين الطوائف الدينية، ومعرفة بعضها البعض. كما يساعد الحوار على فهم معنى وأسباب التنوع الديني والثقافي، ويمنع أتباع هذه الطوائف الدينية من الغرق في وحل التعصب والإقصاء المتبادل، وما ينجرّ عن ذلك من كراهية وصراعات، وحتى صدامات ثقافية وحضارية.وأكدت قيادات هذا التحالف أنه “لكي نعيش إسلامنا معا بشكل جيد في أوروبا، فإن الحاجة الماسة إلى المساجد مهمة بالتأكيد، ولكن من الضروري كذلك أن يسهر على هذه المساجد، وأن يتم تأطيرها بأئمة أكفاء، وأن يضعوا معرفتهم في خدمة المسلمين، والسعي من أجل الصالح العام”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات