+ -

من المنتظر أن ينزل بيان السياسة العامة إلى البرلمان بغرفتيه قريبا، بعدما وافق على عرضه مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أول أمس، لفسح المجال ليناقشه النواب وفحص مدى واقعيته وتجسيده لمخطط عمل الحكومة المعروض في بداية السنة، ونال مصادقة الأغلبية في الغرفتين العليا والسفلى.

وبموافقة مجلس الوزراء على عرض وثيقة بيان السياسة العامة، يكون أعضاء الحكومة أمام تحدي استعراض حصيلة أنشطة وقرارات دوائرهم الوزارية، ومدى إسهامها في تجسيد ما جاء في مخطط الحكومة الذي حمل العديد من المشاريع والمقترحات في شتى الميادين.

ويعني إرسال بيان السياسة العامة أو الحصيلة الحكومية في التقاليد والأعراف السياسية المعمول بها، وفق مصادر برلمانية مسؤولة، تنامي احتمالات وفرضيات إجراء تعديل أو تغيير حكومي، خاصة في حالة ما إذا لم تحظ بمصادقة قطاع من النواب.

وبالعودة إلى البرلمان بطبيعته وتشكيلته الحالية، في تقييم المصادر، يقل احتمال اعتراضه على حصيلة الحكومة، باستثناء الكتلة المعارضة المتمثلة في مجموعة حركة مجتمع السلم التي سبق لها أن اعترضت على حصيلة الحكومة العام الماضي، وقررت تفعيل الصلاحية الدستورية التي تسمح بإجراء ملتمس رقابة لسحب الثقة من الفريق الحكومي، إلى جانب "الصلاحية المطلقة" التي يتمتع بها مكتب المجلس، وقدرته على كبح كل مبادرة تأتي من النواب، واقتصار الرقابة البرلمانية على الأسئلة الكتابية والشفوية، التي هي الأخرى لا تحترم من حيث الآجال، يضيف هؤلاء.

ويرى مراقبون أنه يتعين على حصيلة الحكومة أن تكون مجسدة ولو نسبيا لمخطط عمل الحكومة، وإلا سيكون الحكم على نشاط الحكومة بالفشل، كما أن عدم تحقيق وتجسيد ما عرضته أمام البرلمان العام الماضي يعني أن فعالية البرلمان مرتبطة بقدرته على تقييم السياسات ولعب أدواره الرقابية بشكل كامل وليس جزئيا.

وبالنسبة للمساءلات المحتملة، من المتوقع أن يتحدث النواب عن الحصيلة المروعة للمجازر المرورية والغلاء والمشاكل البيروقراطية ومدى تجسيد مشروع الرقمنة والحرائق وجرائم القتل، وتفعيل أدوات المساءلة التي يوفرها الدستور.

ويُنتظر من حركة مجتمع السلم، بوصفها القوة المعارضة الوحيدة في المجلس الشعبي الوطني، أن تُسائل الحكومة انطلاقا مما قامت به في المرة الماضية، عندما باشرت إجراءات ملتمس الرقابة لسحب الثقة من الحكومة قبل أن يتراجعوا عنها، بحجة عدم التشويش على القمة العربية التي انعقدت في الجزائر مطلع نوفمبر من العام الماضي.

ويتحدث دستور 2020 في مادته 111 عن ضرورة تقديم الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة، ثم مناقشته، مع إمكانية أن يترتب عن ذلك إيداع ملتمس رقابة يقوم به المجلس الشعبي الوطني طبقا لأحكام المادتين 161 و162 من الدستور.

ويمكن للوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، أن يطلب من المجلس الشعبي الوطني تصويتا بالثقة، وفي حالة عدم الموافقة على لائحة الثقة يقدم الوزير الأول أو رئيس الحكومة استقالة الحكومة.

كما يستطيع رئيس الجمهورية، حسب المادة 111، اللجوء قبل قبول الاستقالة إلى أحكام المادة 151 من الدستور التي يمكن من خلالها أن يقرر حل المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات تشريعية مسبقة بعد استشارة رئيس مجلس الأمة، رئيس المجلس الشعبي الوطني، رئيس المحكمة الدستورية والوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة.

وكانت حكومة أيمن بن عبد الرحمان قد نالت دعم أغلبية النواب في المجلس الشعبي الوطني. وتتجه التوقعات نحو افتكاك الحصيلة مباركة البرلمان، مع وجود شكوك باعتراض كتلة حمس، دون الذهاب إلى ملتمس الرقابة مثلما جرى العام الماضي، بالنظر إلى المرونة التي أبدتها القيادة الجديدة تجاه السلطة قياسا بالخطاب والمنهج الذي ينتهجه الرئيس السابق عبد الرزاق مقري في التعامل مع السلطة في مثل هذه المناسبات.