زعيم إسباني يلوح بكشف أسباب انقلاب سانشيز في ملف الصحراء

+ -

تعهد زعيم الحزب الشعبي الإسباني، نونييث فيخو، في حال توليه رئاسة الحكومة الإسبانية، بتشكيل لجنة للتحقيق في الأسباب التي دفعت رئيس الحكومة الحالي (المؤقت)، بيدرو سانشيز، للانحياز إلى الأطروحة المغربية وإعلان دعمه العام الماضي للحكم الذاتي في الصحراء الغربية.

لا تزال قضية الصحراء الغربية تلاحق بيدرو شانشير داخليا وخارجيا رغم تجنبه الحديث الأسبوع الماضي في الأمم المتحدة عن "تأييد الحكم الذاتي في الصحراء". فقد كان قرار سانشيز المفاجئ من القضية الصحراوية ومحاولة الالتفاف على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وتجاهل مواثيق الأمم المتحدة والتنصل من مسؤولياتها تجاه شعب الصحراء الغربية مفاجئا ومدويا ولاتزال ارتداداته تطوق رئيس الحكومة المؤقت، فإلى جانب الاستنكار الداخلي في إسبانيا قابلته الجزائر برد حازم تمثل في تعليق معاهدة الجوار والصداقة مع مدريد، فيما لا يزال التوتر متصاعدا وملقيا بظلاله على العلاقات التجارية والاقتصادية.

في تطور جديد، ركز زعيم الحزب الشعبي نونييث فيخو، لدى تناوله ملف العلاقات الخارجية لبلاده أول أمس، على ملف الصحراء. وبدا واضحا من تصريحات فيخو التوجه إلى كشف دوافع وخلفيات وخبايا الانقلاب التاريخي الذي قاده بيدرو سانشيز العام الماضي على قضية الصحراء التي كانت محل إجماع سياسي إسباني لعقود، حيث كانت القوى السياسية في مدريد متفقة على دعم قرارات الأمم المتحدة بدلا من دعم الحكم الذاتي الذي يتبناه المغرب.

وإن كان الحزب الشعبي لم يتطرق في حملته الانتخابية الصائفة الماضية إلى تشكيل لجنة برلمانية خاصة بالتحقيق في موقف حكومة سانشيز الاشتراكية من الصحراء الغربية، إلا أنه أظهر عزمه على فتح ملف انقلاب سانشيز، منطلقا من مبدأ "ضمان التوازن في العلاقات بين المغرب والجزائر دون نسيان مسؤولية إسبانيا تجاه الصحراويين"، مثلما ورد في تصريحات سابقة لـ"فيخو".

وتشهد العلاقات الجزائرية الإسبانية، منذ العام الماضي، توترا متصاعدا ألقى بظلاله على العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين. يعود الأمر إلى التغير الدبلوماسي المفاجئ في منتصف مارس 2022، عندما أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز دعم خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لتسوية ملف النزاع في الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة.

وردا على هذا التحول في موقف مدريد المحايد تقليديا، أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في الثامن جوان 2022 تعليق معاهدة الجوار والصداقة مع مدريد. وكشفت الرئاسة عن تعليقها اتفاقية الصداقة والجوار ردا على موقف الحكومة الإسبانية الذي يعتبر منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة لملف الأزمة ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام، ويساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في إقليم الصحراء وفي المنطقة. عقب هذا القرار، ردت مدريد في بيان لخارجيتها، قالت فيه إن حكومتها "تعتبر الجزائر جارا وصديقا وتؤكد استعدادها الكامل لمواصلة الحفاظ على علاقات التعاون الخاصة بين البلدين وتطويرها لصالح شعبيهما".

وتوجهت الجزائر جرءا ذلك نحو تقييد المعاملات التجارية مع مدريد وتجميد الكثير من العمليات. وعلى مدار سنة كاملة شهدت العاصمة الإسبانية مدريد مظاهرات حاشدة نظمتها تنسيقية الجمعيات الإسبانية المتضامنة مع الشعب الصحراوي بمشاركة قوية للمنظمات والجمعيات والأحزاب والنقابات الإسبانية والجالية الصحراوية المقيمة بإسبانيا.

ولم يتأخر متابعون وسياسيون وناشطون في العالم في التنديد بـ"ضعف" حكومة الاشتراكيين أمام "الابتزاز المغربي"، كما جددوا تضامنهم مع القضية الصحراوية وتذكير سانشيز بأن إسبانيا بقواها السياسية وبمجتمعها المدني لن "تتراجع عن ضرورة تكريس حق الشعب الصحراوي في الاختيار الحر والسيد"، حسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.

وواجه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز انتقادات جديدة من المعارضة التي حملته مرة أخرى المسؤولية عن تدهور العلاقات بين الجزائر ومدريد. وخلال نقاش برلماني إسباني قالت النائب عن اليسار الجمهوري الكتالوني، ماريا روزيكي، إن التفسير الوحيد لتغيير الحكومة موقفها من المسألة الصحراوية أن المغرب يمسك شيئا عن الحكومة الإسبانية، معيدة خطابا شبيها بالذي ردده الحزب الشعبي المعارض وصحف إسبانية ودولية من إعلان رئيس الحكومة الاشتراكية انقلاب موقفها من النزاع الصحراوي واصطفافها مع المخزن.

وقالت روزيكي التي تتولى منصب المكلف بالشؤون الخارجية في حزبها الداعم لاستقلال إقليم كتالونيا إن التفسير الوحيد لإسبانيا لتغيير موقفها من الصحراء الغربية ومعاداة الجزائر في خضم أزمة الطاقة يرجع إلى الابتزاز الذي مارسه المغرب ولخوف الحكومة مما وصفته "ظهور معلومات قاتمة بل مجرمة". وكانت شركات إسبانية قد أعلنت عن مقاضاة حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز للمطالبة بتعويضات جراء الخسائر الفادحة التي نزلت عليهم بعد نحو سنة من قرار الجزائر قطع علاقاتها التجارية مع مريد، التي فاقت واحد مليار أورو وفق تقديرات غير رسمية.