38serv
تحدث الفنان الموسيقي علي عبيد راشد عبيد، القادم من الإمارات العربية المتحدة وتحديدا من إمارة ”الفجيرة” المطلة على ساحل خليج عمان، عن وجهات نظر معينة في زاوية قريبة من واقع الإنشاد، كما كشف رؤيته الخاصة وتعبيره الذاتي لعلاقة الموسيقى بالكلمة الهادفة في معناها الحقيقي، معرجا، في حديثه لـ«الخبر”، على الخصوصيات الاستثنائية للفن والعزف الجزائري الذي وصفه بالراقي الذي يصعب مجاراته.ما هو انطباعكم وأنتم تزورون الجزائر لأول مرة وتحيون حفلا فنيا بقسنطينة؟ نحن نشكر القائمين على المهرجانات في قسنطينة وبالجزائر عامة، وعلى حفاوة استقبالهم الطيب. يشرفني أن تكون مشاركتي في مهرجان الإنشاد بقسنطينة استثنائية، باعتبارنا أول فرقة تمثل دولة خليجية، ومن الإمارات العربية المتحدة تحديدا، تضاف إلى قائمة المدعوين والمشاركين في مختلف طبعاته. نأمل أن يكون عرضنا المقدّم قد لاقى صدى لدى الجمهوري الجزائري، خاصة وأن الفرقة عملت جاهدة على تقديم الفن الإماراتي بأحسن صورة. لقد اخترنا مقطوعات بعناوين لها علاقة بالإنشاد وبالإسلام وبالديانات كلها، إلى جانب بعض الأناشيد الإسلامية التي تغنى بها كبار الفنانين العرب. وقد قدّمت معزوفة حضّرتها خصيصا لاحتفالات الجزائر بذكرى ثورتها بعنوان ”ذكرى التحرير”.حدثنا عن تجربة البيت العربي في الإمارات مع الأستاذ نصر شمة، ثم ميلاد فرقة ”تخت الإمارات”؟ طبعا أنا تلميذ الأستاذ نصر شمة، وساعفني الحظ أني كنت ضمن الدفعة الأولى التي أشرف عليها الأستاذ العراقي وبعض الأساتذة، ضمن تجربة بيت العود العربي التي احتضنتها أبو ظبي. وقد كان مشروعنا بعد التخرج هو إنشاء فرقة إماراتية تمثل الموسيقى الخليجية والعربية بشكل عام، وتحقق بعدها الحلم، وأنشأنا الفرقة التي تعدّت حدود الإقليم، وسافرنا بها إلى العديد من المهرجانات الدولية، مثل بريطانيا وكندا، حيث كان أول ظهور للفرقة في مهرجان ”ووماد” وهو مهرجان دولي بأبو ظبي وشاركنا بعدها في بريطانيا، لتمنح بذلك الفرقة فرصة الانتشار السريع داخل الإمارات وخارجها.هناك جدل قائم حول الإنشاد، فالبعض يحاول ربطه بالجانب الديني فقط، واعتباره وسيلة للدعوة الإسلامية مع معارضة إدخال الآلات الموسيقية على هذا النوع، فما رأيكم؟ أنا، وبصراحة، أرفض طرح إبعاد الآلات الموسيقية عن الإنشاد، وبرؤيا دقيقة لتاريخ الموسيقى في الإنشاد وبالرجوع إلى القراء القدامى للقرآن الكريم، على غرار عبد الباسط، فقد كانوا يستعملون المقامات الموسيقية. وجيلنا الحالي لم يستورد ما هو غريب عن هذا الفن، وحافظنا عليه كما قدم في بداياته. وأرى أن الحنجرة هي أصلا موسيقى طبيعية تتمثل في بعض الآلات، على غرار العود وقانون، وأتساءل لماذا لا نستخدم هذه الآلات في تقوية الأنشودة الإسلامية، ولا تستغل الموسيقى الطربية الصحيحة في معناها الحقيقي دون الاتجاه بها نحو ما هو خاطئ.هل تمكّن فن الإنشاد من فرض نفسه ولعب دوره داخل الساحة الفنية العربية؟ مؤخرا عرف الإنشاد بعض التقدم وفي نواحي كثيرة. نحن بصدد متابعة المواضيع الإنشادية، ولاحظنا أن هذا الأخير قد غيّر الكثير من اتجاهاته ورفع مستواها بالساحة الفنية العربية، يضاف إليه دور المهرجانات الإنشادية المنظمة والتي تحفّز المنشدين وتطوّر من أدائهم واحترافيتهم. أتمنى أن تكون الموسيقى والإنشاد لغة عالمية تخاطب الإحساس والوجدان، خاصة لشعوب وطننا العربي التي تغيرت أحوالها وتفرقت بين هويتها وديانتها. نريد كموسيقيين، وفي مجالنا، أن نغيّر على الأقل 1 بالمائة مما هو حاصل في الوطن العربي، وكل حسب مجاله.كيف تقيّمون مستوى الإنشاد في الجزائر والمغرب العربي، علما أن معظم المنشدين المعروفين هم خريجو برنامج ”منشد الشارقة”؟ صراحة لست من متتبعي هذه البرامج، لكن برنامج ”منشد الشارقة” يحفّز الشباب الناشئ فنيا. أنتم في الجزائر تملكون ثقافة عريقة في الموسيقى، ومغايرة للمدارس الموسيقية الثلاث المعروفة، وهي الشرقية والعراقية والتركية، لأن الطبع الجزائري والمغربي لديه إيقاع مختلف وخاص يحتاج جديا للانتشار.. نريد أن نسمع هذه المقامات في البلدان الخليجية، حرام أن يبق الفن الجزائري محصورا هنا، هو فن راق صعب مجاراته وإتقانه في العزف.. لقد استمعت للكثير من المنشدين المغاربيين. لديكم أصوات جميلة أتوقع إن شاء اللّه أن تكون لها مكانة كبيرة. وأوجه رسالة لكل الفنانين الجزائريين لنقل موسيقى بلدهم إلى الضفة الأخرى. وأصارحك الفنان الذي يقصد الجزائر يجب أن يكون دقيقا في اختياراته، لأن شعبه سمّيع وذواق للفن ومثقف موسيقيا.كيف يمكن أن نخلق فلسفة جديدة في الإنشاد ورؤيا تجمع بين الإنشاد التربوي والوطني والسماع الصوفي والموسيقى الروحية؟ طبعا، يمكن أن نجمعها في بوتقة واحدة ونرتقي بها ونقدّمها بشكل جديد. لكن أنا أبغي دائما العودة والرجوع إلى موضوع إدخال الموسيقى في الإنشاد، لأني اعتبرها خطوة جميلة جدا نستخدمها في مجالها وبطريقة جيدة ومتقنة، شرط أن يكون محتوى ومضمون كلمات الأناشيد هادفا، مع توجيهها نحو قضية معينة تعالج جوانب من حياتنا العربية، سواء اجتماعية أو ثقافية وحتى سياسية مرتبطة بما يعيشه المواطن العربي من تحولات، لأن كثيرا من الموسيقيين استطاعوا تغيير آراء شعب كامل، ولو اجتمعت هذه الأفكار وهذه الفلسفة كل حسب اختصاصه، سنصل إلى مرحلة كبيرة من انتشار نغيّر فيها، وأنا أؤكد لكم أنه يمكن أن نغيّر كل الأشياء بالموسيقى.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات