هناك نظريةٌ في التاريخ وعلم الاجتماع للمفكر أرنولد توينبي تدعى نظرية "التحدي والاستجابة"، والتي يمكن تلخيصها بأن فرداً أو كياناً ما إذا تعرّض لصدمة ما، فإنه يفقد توازنه لفترة ما، ثم ما يلبث أن يستجيب لهذا التحدي إما سلباً بالابتعاد والخضوع، أو إيجاباً بمحاولة التغلب على المشكلة وابتكار الحل المناسب لها.
في الحقيقة تابعتُ خلال الأسابيع القليلة المنصرمة سير موسم الحج لهذا العام 1444هـ والانتظام الدقيق الذي اتسمت به مجرياته وأحداثه، وتوفقتُ عند بعض الإحصاءات التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية، ومنها أن العدد الإجمالي للحجاج بلغ (1845045) حاجاً، وحاولت حينها تخيّل حجم التحدي الذي تواجهه حكومة المملكة في إدارة هذه الجموع البشرية الضخمة المتواجدة في بقعة جغرافية صغيرة لا تتجاوز بضع كيلومترات مربّعة، وما يستلزمه هذا من توفير الدعم اللوجستي لهذه الحشود من مأكل ومشرب ومسكن ورعاية صحية وخطاب إعلامي ومعلوماتي، واستحضرتُ حينها نظرية "التحدي والاستجابة"، إلا أنني وجدتُ أن ما يحدث في الحج لا يمكن إخضاعه لهذه النظرية، بل هو في الواقع يسيرُ عكسها تماماً بل ويتجاوزها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات