”الإسلام وتعاليمه السمحة مسيطرة على الإنسان ”

+ -

أكّد الأستاذ عطية جويد جار النبي، عميد كلية الآداب والفنون والعلوم الإنسانية بتشاد، في حوار لـ«الخبر”، أن الاستعمار الفرنسي قام بـ«تدمير كل شيء، وارتكب جرائم بشعة في حق المواطن التشادي، وذبح العلماء في ما يسمى بمذبحة الكبكب أو الساطور التي راح ضحيتها أكثر من 400 عالم”. وأوضح أن هذا الاستعمار قام بـ«تدمير كل المؤسسات الدينية والتعليمية فارضا لغته وثقافته”، لكن مع كل ذلك “ظل الشعب التشادي، ولا يزال، متمسكا أكثر بهويته وثقافته وتقاليده”.كيف تصف للقارئ وضع مسلمي تشاد من حيث تاريخ دخول الإسلام وعددهم؟يرجع تاريخ دخول الإسلام حول حوض بحيرة تشاد إلى القرن الأول الهجري/السابع الميلادي، فقد أشار جان شابل Jean Chapelle في كتابه “المجتمع التشادي”، إلى أن انتشار الإسلام إلى تشاد يرجع إلى عام 666-667م/46هـ، أي القرن الأول الهجري والسابع الميلادي، عندما وصل عقبة بن نافع إلى جبال كوار حول بحيرة تشاد. أما لو تحدثنا عن عدد المسلمين في تشاد، فإنه قد يتجاوز 70%.ما هو واقع المؤسسات الإسلامية في تشاد؟ إن المؤسسات الإسلامية من مساجد، خلاوي قرآنية ومدارس هي في ازدياد مستمر، وذلك راجع نسبة لزيادة الديموغرافيا أو عدد السكان، ونسبة الوعي بأهمية هذه المؤسسات ودورها في حياة الإنسان التشادي المسلم.ما هي أبرز المشاكل التي يعاني مسلمو تشاد؟ أبرز التحديات التي يعيشها المسلمون هناك تتمثل في الصراعات القبلية نسبة للجهل المتفشي، ثم هناك قلة الوعي المتمثل في ظل غياب المرجعيات الدينية المؤثرة، أو بالأحرى التي ينقصها الكثير من الإمكانيات اللازمة من أجل المساهمة الفعالة من أجل القضاء على تلك الآفات، أضف إلى ذلك قلة الدعاة المؤهلين لتسيير هذه المنظومة المجتمعية بخطى الإسلام السمح الوسطي المعتدل، ولا ننسى انتشار الأمراض والأوبئة، خاصة الملاريا المنتشرة في جلّ دول إفريقيا.كيف تنظرون إلى مستوى الوعي الديني لدى أبناء تشاد؟بالنسبة للتأثير والأثر الإسلامي القوي على هذه المنطقة، نجد أن العادات والتقاليد والثقافة يظهر فيهما في الغالب طابع أو أثر الإسلام، والتعاليم الإسلامية السمحة هي المسيطرة على مناحي وحياة الناس أو الإنسان التشادي المسلم. وإذا كان الوعي الديني له ارتباط وثيق بنسبة التعليم، فإن نسبة التعليم متدنية، وقد يساهم ذلك بصورة رئيسية في تدني مستوى الوعي الديني.هل للمؤسسات الدينية دور في زيادة هذا الوعي؟ نعم، بطبيعة الحال، دور المؤسسات الدينية المنوط بها هو العمل الدؤوب من أجل حث الناس، أي المسلمين، على فهم شؤون دينهم بصورة أدق وواضحة بعيدا عن لصوص الدين، بل الحديث عن سماحته ووسطيته، وهذا الدور هو بلا محالة قد يزيد من الوعي في وسط المسلمين ويرسخ في ذهنهم المعادلة الإلهية التي تتمثل في هذا الدين، دين الإنسانية والسماحة.عانت تشاد من الاستعمار الفرنسي لعقود طويلة حتى حصلت على استقلالها، فما تأثير هذه المدة على هُوية مسلمي البلاد؟ حقيقة لقد عانت بلدنا ومواطنوها من الاستعمار الفرنسي الغاشم وويلاته لعقود طويلة كما تفضلتم، وأنتم أهل الجزائر أدرى منا بكثير، عانيتم كذلك من هذه الهجمة الاستدمارية التي استطعتم أولا بفضل الله، ثم بفضل الثورة التحريرية المجيدة المباركة، وهذا الشعب الأبي المناضل المغوار بملايين شهدائه الأبرار، التخلص منه ومن براثنه وأصبحت الجزائر حرة مستقلة. ولعلمكم، فإن ثورة الجزائر كان لها الفضل الكبير في استقلال الكثير، إن لم نقل جميع دول القارة من هذا الاستعمار. نعم، فقد حاول الاستعمار تدمير كل شيء، وارتكب جرائم بشعة في حق المواطن التشادي، فقد ذبح العلماء في ما يسمى بمذبحة الكبكب أو الساطور التي راح ضحيتها أكثر من 400 عالم، ثم دمّر كل المؤسسات الدينية والتعليمية فارضا لغته وثقافته. لكن مع كل ذلك، ظل الشعب التشادي، ولا يزال، متمسكا أكثر بهويته وثقافته وتقاليده، والتأثير لم يكن ملموسا كما كان يتوقعه المستعمر إلا في الأقلية المسيحية التي أصبح الكثير من أنصارها، اليوم، ينتقدون فرنسا وسياستها.كيف تفسرون مطالب شعوب دول الساحل بإيقاف العلاقات مع فرنسا؟ إن شعوب دول الساحل عانت الكثير وتضرّرت من الاستعمار الفرنسي، ومازالت هذه الشعوب تعاني ممّا يسمى بالاستعمار الجديد néocolonialisme أو التدخل الفرنسي الصارخ والمباشر في شؤون تلك الدول أو ما يعرف بـFrançafrique، الشيء الذي لا محالة دفع الشعوب الإفريقية لتنتفض ضد الوجود الفرنسي الذي يتمثل ليس فقط بالتدخل في الشأن السياسي، وإنما ضد التواجد العسكري المتمثل في القواعد العسكرية الفرنسية الموجودة هناك، والتي ظلت تعمل منذ أمد في غموض تام ومشبوه، الشيء الذي جعل الشعب ينتفض مطالبا بطرد فرنسا من إفريقيا. وهذا يرجع لمستوى الوعي واليقظة التي بلغتها تلك الشعوب المغلوبة على أمرها، حيث استنتجت أن فرنسا هي السرطان والأخطبوط الشيطاني الذي وجب استئصاله لكي تنعم هذه البلدان وشعوبها بالنمو والتقدم والتطور والازدهار، لأن فرنسا أصبحت اليوم تمثل عائقا كبيرا أمام تقدم تلك الدول وشعوبها. وإن مطلب هذه الشعوب في محله، لأن سيادة الدول لا تكتمل في ظل وجود قواعد عسكرية أجنبية في أراضيها، خاصة لما تكون تابعة لدولة الاستعمار.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات