في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمرّ على جبل يقال له جُمْدَانُ فقال: “سيروا هذا جمدان، سبق المفَرِّدُونَ”، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: “الذاكرون الله كثيرا والذاكرات”.قال الإمام النووي رحمه الله: المفردون بفتح الفاء وكسر الراء المشددة، وروي بتخفيفها وإسكان الفاء، يقال: فرد الرجل وفرد بالتخفيف والتشديد، وقد فسرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالذاكرين الله كثيرا والذاكرات. وذكر الله نوعان: الأول: الثناء عليه وتنزيهه عما لا يليق به، من حمد وثناء وتمجيد، أما النوع الثاني: فهو ذكر أمره ونهيه، فإذا ذكر العبد أمر الله بادر إليه، وإذا ذكر نهي ربه ابتعد عنه، وإذا ذكر نعمه وآلاءه حمده وشكره. وذِكر الله يكون بالقلب واللسان، وأفضله أن يكون بالقلب واللسان معا، وذكر الله يكون بالأعمال الصالحة وبتلاوة القرآن، فكل من شغل وقته في عمل صالح بنية التقرب إلى الله فهو ذاكر لله، ومن شغل وقته في غير طاعة الله فهو غافل عن ذكر مولاه.يقول ابن القيم رحمه الله في “الوابل الصيب”: وفي الذكر نحو من مائة فائدة، منها: أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره، ويزيل الهم والغم عن القلب، ويرضي الرحمن، ويجلب للقلب الفرح والسرور، ويورث المحبة التي هي روح الإسلام وقطب رحى الدين، ومدار السعادة والنجاة. ومن فوائده: أنه يحط الخطايا ويذهبها، وينزل السكينة ويغشي الرحمة، ويحف الملائكة، كما أخبر بذلك سيد الخلق صلّى الله عليه وسلم، وأيضا الذكر أيسر العبادات وأجلها، فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح.. اللهم اجعلنا من الذاكرين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات