رِحلة مصحف عثمان بن عفان إلى الغرب الإسلامي

+ -

 تُجمع الروايات التاريخية على أن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن أنهت اللجنة المكلفة بجمع المصحف الشريف تحت رئاسة الصحابي زيد بن ثابت؛ نسخ منها أربع نسخ، وأرسل ثلاثا إلى الشام والبصرة والكوفة، واحتفظ بنسخة المدينة المنورة التي قتل وهو يقرأ فيها وأصاب المصحف قطرات من دمه، هذه النسخة هي التي انتقلت إلى الغرب الإسلامي، حسب بعض المؤرخين، وانتقلت من الشام من ضمن الممتلكات والذخائر العثمانية التي كانت أخت عبد الرحمان الداخلي أم الأصبغ ترسلها إلى قرطبة وكان في ملكية الأمويين بالأندلس، وكان موضوعا في مقصورة المسجد ويقرأ كل جمعة ويتبرك به.في العهد الموحدي، مما غنمه مؤسس الدولة عبد المؤمن بن علي من حروبه في الأندلس هذا المصحف، واحتفى به أيضا الموحدون، وكان يُحمل فوق ناقة حمراء في صندوق خاص، وتُزيّن الناقة بالحُلي النفيس وثياب من الديباج الفاخرة وبغلة تتبعها تضم مصحفا نسخه المهدي بن تومرت والموطأ والبخاري والصحاح، وكان الموحدون يصحبون معهم في الحروب والترحال هذا المصحف.وفي معركة الخليفة الموحدي السعيد بن المأمون مع الأمير الزياني يغمراسن بن زيان مؤسس الدولة الزيانية قُتل الأمير الموحدي في حصن جنوب مدينة جدة، وكان المصحف من جملة الذخائر التي استولى عليها الجيش الزياني التلمساني ولكنه سقط في يد بعض الأعراب ولم يعرف قيمته وجرّده من حُليّه وكسوته الفاخرة وعرض للبيع في سوق تلمسان فأخبر الأمير الزياني وسارع لإنقاذ المصحف فاقتناه.ثم انتقل إلى فاس بعد أن هاجم المرينيون تلمسان، واستمروا في سيرة حمله والتبرك به في المعارك، وكان يتقدم الملك المريني العَلم والمصحف العثماني وما معه من الأسانيد، ومرة أخرى يُفتقد المصحف في زمن أبي الحسن المريني في موقعة طريف 1341م التي انهزم فيها جيش المسلمين أمام المسيحيين، واستولى العدو على المصحف، واستطاع بعد غم وحسرة وبحث طويلة استرجاعه من البرتغاليين بمبالغ باهظة من الذهب، أي بعد أربع سنوات من ضياعه، وللأسف أبو الحسن المريني يضيع منه نهائيا هذه المرة بعد عودته من حملته العسكرية على القيروان، وبعض المصادر ترجح أن العاصفة الهوجاء التي أغرقت سفينته نواحي دلس (بومرداس) سنة 747هـ/1347م هي التي ضاعت منها هذه النسخة الثمينة التاريخية العثمانية، ومات معه غرقا عدد كبير من العلماء والصلحاء. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات