إذا لَم تَستَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ

+ -

 عن أبي مسعود البَدريِّ رضي اللّه عنه قال: قال رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ”إنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلام النُّبُوَّةِ الأُولى: إذا لَم تَستَحْيِ، فاصْنَعْ ما شِئْتَ” رواه البخاري. فقولُه صلّى اللّه عليه وسلّم: ”إنَّ ممّا أدرك النّاسُ من كلام النّبوَّةِ الأولى” يشيرُ إلى أنَّ هذا مأثورٌ عن الأنبياء المتقدمين، وأنَّ النّاس تداولوه بينهم، وتوارثوه عنهم قرنًا بعد قرنٍ، وهذا يدلُّ على أنَّ النُّبوات المتقدِّمة جاءت بهذا الكلام، وأنَّه اشتهر بَيْنَ النّاسِ حتّى وصل إلى أوَّل هذه الأمّة.وقوله: ”إذا لم تستحي، فاصْنَع ما شِئت” في معناه قولان: أحدهما: أنَّه ليس بمعنى الأمر: أنْ يصنع ما شاء، ولكنّه على معنى الذمِّ والنّهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان: 1- أنَّه أمرٌ بمعنى التّهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن لك حياء، فاعمل ما شِئت، فإنَّ اللّه يُجازيك عليه، كقوله: }اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{ فصّلت:40، وقوله: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} الزمر:15، وقول النَّبيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ”مَن باع الخمر، فَليُشَقِّص الخنازير” أخرجه الحُميدي وأحمد والدّارمي وأبو داود والطبراني في الكبير وفي الأوسط والبيهقي، وإسناده ضعيف، ومعناه: ليقطعها إمّا لبيعها أو لأكلها. 2- أنَّه أمرٌ، ومعناه: الخبر، والمعنى: أنَّ مَن لم يستحي، صنع ما شاء، فإنَّ المانعَ من فِعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياءٌ، انهمك في كُلِّ فحشاء ومنكر. وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: ”الحياءُ والإيمانُ في قَرَنٍ، فإذا نُزِعَ الحياءُ، تبعه الآخر” أخرجه حميدُ بنُ زنجويه في كتاب الأدب.وقد جعل النَّبيُّ صلّى اللّه عليه وسلّم الحياءَ مِنَ الإيمان كما في الصّحيحين عن ابن عمر: أنَّ النَّبيَّ صلّى اللّه عليه وسلّم مرَّ على رجلٍ وهو يُعاتِبُ أخاه في الحياء يقولُ: إنَّك لتستحيي، كأنَّه يقول: قد أضرَّ بك، فقال رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ”دَعْهُ، فإنَّ الحياءَ مِنَ الإيمانِ”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: