لنجرّب مرّة واحدة فقط ونرى نتائج إقصاء رؤساء الأندية المحترفة لعهدة أولمبية بخمس سنوات، ونرى أيضا إن كان بعد رحيل “المعمّرين” سيأتي على كرتنا الطوفان.لقد جرّنا خطاب رؤساء الأندية المسمّاة “كبيرة” منذ عدة سنوات بشأن أسباب فشل الاحتراف، إلى طريق مسدود، وقادنا هؤلاء بمبرراتهم و”بكائهم” للابتعاد عن الحقيقة حول مدى مسؤولية “المعمّرين”، الذين التهموا من الخزينة العمومية أموالا تكفي لبناء مستشفيات ومدارس بعدة مناطق في قلب الجزائر العميقة، في إعداد أجيال من اللاّعبين عقيمة فنيا وبدنيا.الوقت ضاع منّا، والمال أيضا، ولم يتغيّر حال كرتنا وبقينا نتخبّط في دوّامة جدل لا يسمن ولا يغني من جوع، وكأننا تحت تأثير تنويم مغناطيسي، فلم نضع اليد على الجرح حتى بعد رابع سنة من تحويل ممارسة اللعبة من هواية إلى احتراف.كنّا نعتقد ونحن نشرك أصحاب “الشرعية الرياضية” في نقاشنا حول مرض الكرة الجزائرية، بأن الخلل قد يكون في نقص المكوّنين والميادين، فكّرنا في كل شيء وأي شيء، دون أن نجد الدواء الشافي، وغفلنا لعقود من الزمن أن نجرّب تحييد مبذّري المال العام على مشاريع رياضية وهمية ونرى نتائج هذا الحلّ الجذري.يجب أن نتوقّف لحظة ونفكّر مليّا في تبعات مثل هذا القرار. علينا أن نسأل أنفسنا إن كنّا سنتكبّد خسائر أكبر ممّا هي عليه الآن، ونحن نخلّص أنفسنا من “التشخيص المغالط للحقيقة” لرؤساء أعطوا الانطباع بأن جميعهم ينتمون لدفعة واحدة، تخرّجت من “مدرسة بيع الأوهام” بتقدير جيد جدّا.. سنرى بأمّ أعيننا حين نجرّب بأن الدولة تستخدم “الوجوه” المستهلكة كرويا و”ترشق” بأموال الشعب لشراء سكوت هذا الشعب بالرياضة الأكثر شعبية على بطون قد انتفخت وقالت كلّما ألقوا لها بأموال.. “هل من مزيد!”.السلطات العمومية التي تحارب الفساد والمفسدين في شتى الميادين، أو على الأقل تتظاهر بفعل ذلك، تستّرت على أكبر فساد رياضي، بل إن المفسدين في الكرة مقتنعون بأن “بيع الوهم” هو أكثر الخدمات طلبا من الدولة، فراحت الشركات التي أنشئت بغرض الاحتراف تفلس قبل بدايتها ولم يضمن لها بقاءها على قيد الحياة سوى الترويج لبيع الوهم الذي اشترته الدولة منها بأموال “الغلابى” الغارقين في سبات عميق واستثمرت فيه لتكسب من ورائه مرور أي “ربيع” عليها دون عواصف.شدّني تصريح لرئيس وفاق سطيف حسان حمّار على أمواج الإذاعة الوطنية وهو يعلن دون حياء بأن تسقيف الأجور سيدفعه إلى منح أموال “تحت الطابلة” للاعبين حتى يظفر بأفضل الصفقات ويتميّز عن غيره من الأندية المحترفة.. لقد قال حمّار ذلك على المباشر ولم تتحرّج السلطات من كلام خطير مثل هذا، في وقت قلب مسؤولو نادي برشلونة الإسباني “الطابلة” على الرئيس ساندرو روسل بسبب صفقة نايمار المشبوهة.. حدث هذا مع “البارصا” ومع أندية أخرى في أحداث مشابهة في بلدان تحرص فعلا على محاربة “لصوص الكرة والمحتالين”.. فكيف لنا بعد الآن أن نسأل أنفسنا لماذا فشلنا حيث نجح الآخرون؟لنجرّب إذن مرة واحدة وكفى و”نقطع رأس الحيّة”، فلن نخسر حتما من الوقت والمال والجهد أكثر مما خسرناه لحد الآن، وإذا كنّا مخطئين في حق هؤلاء، فلنا على الأقل أجر الاجتهاد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات