لا يستبعد عبد السلام علي راشدي قيادي جبهة القوى الاشتراكية سابقا ورئيس حزب السبيل غير المعتمد، أن تتغير موازين القوى قبل الرئاسيات القادمة أو بعدها مباشرة. وفي المقابل لا يعلق آمالا كبيرة على موعد أفريل 2014، داعيا في هذا الحوار مع “الخبر” إلى “قطيعة مع النظام القائم وعدم الاكتفاء بالإصلاحات”.السيد علي راشدي، أين تتجه الرئاسيات خاصة أننا لا نعرف بعدُ كل المترشحين؟ لا يجب التركيز على المترشحين، بل الرهان الحقيقي يكمن في التغيير لأن استمرار الوضع القائم قاتل للبلاد. قناعتي أن هذا النظام بلغ نفسه الأخير، فزيادة على الانسداد الذي خلفه مرض بوتفليقة في وقت يسير جيل الثورة نحو الاختفاء، هناك انسداد مالي كوننا لا ننتج شيئا، وخبراء البترول يتوقعون فقدان أسعار النفط نصف قيمتها الحالية في حدود 2017. وفي المقابل بدأت المؤشرات المالية الجزائرية تسجل العجز، عجز في ميزان المدفوعات في 2013 هو الأول من نوعه منذ سنوات طويلة، وهذا يعني العودة إلى الاستدانة وما يرافقها من أزمة النفقات العمومية والتدهور الاجتماعي وغيرها من المشاكل التي عشناها قبل سنة 1985 و3 سنوات بعدها حدثت انتفاضة أكتوبر.وهناك عامل ثالث لا يخدمنا في ظل الوضع القائم يتمثل في المحيط الدولي، حيث تواجه الجزائر توترا في علاقاتها مع جيرانها حاليا، أضف إلى ذلك حسابات القوى العالمية التي تسعى دوما للتوغل في أي بلد للدفاع عن مصالحها، ناهيك عن حسابات دول الخليج التي تلعب دورا مشبوها في المنطقة. وسط كل هذا وإذا استمر الوضع القائم إذن سنواجه مخاطر كبيرة.تقولون إذا استمر الوضع القائم لكن الظاهر أنه مستمر؟ نظريا نعم هو مستمر، لكن يمكن أن نراجع أنفسناكيف ومتى؟ نحن دخلنا حملة الرئاسيات لا ندري ما يخفيه لنا المستقبل، قد تتغير المعطيات في الأسابيع القليلة القادمة وربما بعد أشهر قليلة من الرئاسيات. ما دام لم يقع الانهيار فالأمل مسموح.النظام الحاكم لا يفكر أو لا يبدي أي انشغال بالمخاطر التي تتحدثون عنها. من أين سيأتي التغيير إذن؟ هذا النظام بقيت له سنة أو سنتان على أقصى تقدير، ولهذا السبب أتحدث عن ضرورة التغيير. وأعود إلى تحليلي للأوضاع، أعتقد أن الاصلاحات لم تعد تكفينا، بل يجب إحداث قطيعة مع الخطاب الشعبوي، وتحمل مسؤولية قطيعة سياسية تخرجنا من النظام اليعقوبي المركزي إلى أبعد الحدود. منذ الاستقلال في الحقيقة لم نفعل شيئا سوى أننا استبدلنا أسماء المؤسسات الاستعمارية بأسماء أخرى، مثل الولاية بدل “لابريفيكتور”..إلخ. ثانيا لا بد من قطيعة اقتصادية وتحمل مسؤولية إحداث وثبة ليبرالية، حيث تنسحب الدولة نهائيا من الساحة الاقتصادية. ثالثا لا بد من قطيعة إيديولوجية مع الخطاب القائم على الوطنية والدين لندخل في خطاب العصرنة والمواطنة والحقوق والحريات..إذن الحديث عن رئاسيات أفريل لا جدوى منه؟ نستطيع الحديث عن رئاسيات أفريل لكن ليس عن الأشخاص، ولحد الساعة هناك قرابة 50 مترشحا أغلبيتهم غير معروفين في الساحة السياسية. والمترشحون المعروفون يمثلون تقريبا استمرار الوضع القائم. هناك مرشح واحد يتبنى الليبرالية مثلا، بينما نحن بحاجة إلى إعادة بناء الدولة. لا يعقل لبلد بشساعة الجزائر أن يبقى يسير بنظام مركزي مطلق، يجب تطبيق جهوية التسيير ومضاعفة عدد البلديات وعدد المنتخبين في كل بلدية، مع منح الإمكانات اللازمة لكل جهة وإلا سيكون الفشل. هناك بلديات في الجنوب تبعد بمئات الكيلومترات عن مقر الولاية التابعة لها.كل هذه الانشغالات التي تطرحونها ليست في حسابات النظام القائم الذي يستعد للعهدة الرابعة تحت شعار الحفاظ على الأمن والاستقرار، بمعنى أننا في وضع غير مقلق. هل النظام فاقد لهذه الدرجة الوعي بالمخاطر التي تهددنا؟الريع البترولي هو الذي يجعل النظام يفكر في البقاء ولا شيء غير البقاء. ليس هناك نقاش سياسي في البلاد وأنا شخصيا أقدم هذه الأفكار ردا على اتهامات السلطة بأن المعارضة والأحزاب ليس لها برامج ولا أفكار.كيف تتصورون إمكانية أن تتغير موازين القوى قبل الرئاسيات القادمة ونتجه نحو التغيير بدل الاستمرارية كما تقولون؟ليس مع هذا النظام، لأنه بالنسبة لي قضي أمره.لكنه موجود ويستعد للرئاسيات؟أنا أتحدث عن جمهورية ثانية. هناك من يتحدث عن مفاوضات حول انتقال ديمقراطي، وهو خيار جيد، لكن لا نرى شيئا في الأفق يشير إلى هذا التوجه. والمؤكد اليوم أن هناك قاعدة واسعة تعارض الوضع القائم، وإن لم تكن المعارضة منظمة الآن فستظهر حتما حركة شعبية تفرض التوجه نحو التغيير.عن طريق الثورة إذن؟ ليس بالضرورة، وشخصيا لا أحبذ الثورات لأنها دائما تصحبها الثورة المضادة وعودة الوجوه القديمة إلى الحكم. هناك حتى من يطرح فرضية أن الانتخابات الرئاسية لن تنظم، وأنا لا أستطيع أن أتنبأ بالمستقبل، وإذا عرفنا ما يخفيه المستقبل فلا داعي لممارسة السياسة.وهل أنت مع تأجيل الانتخابات الرئاسية؟ أنا ضد انتخابات تعيد إنتاج النظام القائم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات