هدد رئيس اللجنة الوطنية لمستخدمي عقود ما قبل التشغيل بمقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة، في حال عدم تسوية وضعيتهم المهنية، في وقت أكدت التشكيلات السياسية الكبرى، على غرار “الأفالان” و”الأرندي” والحركة الشعبية الجزائرية، أن هؤلاء العمال والمقدر عددهم بأكثر من 800 ألف عامل، يشكّلون وعاء انتخابيا مهمّا، ولابد من إقناعهم بالمشاركة في هذا الحدث المهم. وفي ظل هذا الصراع، تحول أصحاب عقود ما قبل التشغيل إلى قنبلة تهدد الرئاسيات. مازال ملف عمال عقود ما قبل التشغيل البالغ عددهم، حسب إحصاء رسمي، 800 ألف عامل، مشتعلا وينذر بتحوّله إلى “قنبلة” تهدّد الانتخابات الرئاسية، لاسيما مع فشل الحكومة في امتصاص غضب هؤلاء المستخدمين، بإعلان الوزير الأول عبد المالك سلال عن تنظيم مسابقات توظيف لشغل 140 ألف منصب شاغر في الوظيف العمومي، تمنح فيها الأولوية لعمال عقود ما قبل التشغيل. لكنها “حقنة مهدئة” ظهر أن مفعولها منتهي الصلاحية، ويحضّر العمال للاحتجاج ضد ما وصفوه بـ«هراء الحكومة”.انقلبت صيغة التشغيل التي استحدثتها الحكومة لفائدة الشباب، بالخصوص الحاملين للشهادات العلمية وأولهم الطلبة الجامعيون، من أداة لامتصاص البطالة إلى “صداع دائم” تدفع مقابله مئات الملايير سنويا، مع العلم أنها تسببت فيه لنفسها وتطوّر “الصداع” إلى مرض مزمن زادت في تأزمه تصريحات مسؤولي الحكومة عن قرب تخليص عمال عقود ما قبل التشغيل مما يصفونه بـ«عقود الاستعباد”.أصحاب حقوق بقوة “الدستور”يستند عمال ما قبل التشغيل في احتجاجاتهم على تذكير الحكومة بمواد “القانون الأعلى” للبلاد، وهو الدستور، لأنهم يرون أن “الظلم” الممارس في حقهم بعدم إدماجهم في مناصب عمل دائمة، ينافي المصدر ذاته. فأتوا بالمادة التاسعة التي تنصّ على “لا يجوز للمؤسسات أن تقوم بما يأتي: الممارسات الإقطاعية والجهوية والمحسوبية”.وجاء في نص المادة 31: “تستهدف المؤسسات ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات، بإزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية الإنسان، وتحول دون مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، والمادة 51: “يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أي شروط أخرى غير الشروط التي يحدّدها القانون”. وأمام هذه النصوص القانونية، يتساءل حاملو عقود ما قبل التشغيل “أين نحن من هذا كله؟”. ويناضل عمال عقود ما قبل التشغيل تحت لواء “لجنة وطنية”، فيقررون النزول إلى الشارع كـ«خيار” لا بديل عنه، سواء للاعتصام أمام مقرات الولايات أو قصر الحكومة وحتى قصر الرئاسة في المرادية، لكنها كانت تجارب تتكلل بالنسبة إليهم بـ”النجاح” في إسماع صوتهم، وبـ”فشل” الحكومة في الإصغاء إليهم.أطباء ومهندسون بـ15 ألف دينار شهريانبّهت اللجنة الوطنية لعمال ما قبل التشغيل إلى أن الحكومة استحدثت آلية “عقود ما قبل التشغيل” لامتصاص خريجي الجامعات بنسبة 60 بالمائة، لكنها وصفتها بآلية “الإسكات”، مدتها 3 سنوات، لإخفاء بطالة خانقة، تتحول، حسبها، إلى “بطالة مقنّعة”، لأن الحكومة لا تحتسب هذه الفئة ضمن مناصب العمل الدائمة، فوجد أطباء ومهندسون أنفسهم بعد 7 سنوات من التعليم العالي براتب لا يتجاوز 15 ألف دينار (أقل من الأجر القاعدي المحدد بـ18 ألف دينار). وكانت المؤسسات العمومية والإدارات العمومية تحاول “إجهاض” احتجاجات عمال عقود ما قبل التشغيل بـ«كشفها” عن قوائم عمال يتقاضون 15 ألف دينار دون احترام شغل مناصبهم، فردت اللجنة الوطنية بدورها بـ”أمثلة حية” عن فضائح فساد وتبذير للمال العام وقالت إنّها لا تمثل شيئا مقابل ما تخسره الخزينة العمومية على صفقات فاشلة.العمال يذكّرون الحكومة بقضايا تبذير المال العاموتمثلت أمثلة اللجنة الوطنية لعمال عقود ما قبل التشغيل في المهرجان الإفريقي الذي كلف خزينة الدولة 800 مليار سنتيم، وتظاهرة “الجزائر عاصمة الثقافة العربية” وتجاوز غلافها المالي 500 مليار سنتيم، فضيحة نهب 3 آلاف مليار من أموال الدعم الفلاحي، المتهم فيها قيادي حزب سياسي، وشكيب خليل ونهبه 3100 مليار سنتيم، وعبد المؤمن خليفة ونهبه لملياري دولار، وفضيحة الطريق السيار، واختلاس عاشور عبد الرحمن لـ3200 مليار سنتيم.وفي آخر بيان للجنة الوطنية لعمال عقود ما قبل التشغيل، ذكرت أن الحديث عن إحصاء مناصبهم في الوضع الحالي مجرد ربح للوقت والمماطلة من أجل إجهاض الاحتجاجات الدورية، وحمل البيان الأخير للجنة “يا أصحاب عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية إذا لم تنتفضوا أنتم، فمن سينتفض؟”.ودعت اللجنة منخرطيها من حاملي عقود ما قبل التشغيل إلى عدم “الانسياق” وراء تصريحات الحكومة بقرب الحسم في “إدماجهم” في غضون أسابيع، وخاطبتهم “شبابنا يمتلك القدرات والعزيمة على تقرير مصيره وانتزاع حقه في العمل والعيش الكريم بالنضال السلمي النقابي وعلى مقاطعته النهائية لكافة سياسات العمل الهشة التي سعت وتسعى إلى تهميشه واستغلاله والحط من كرامته”.وأضافت “يا شبابنا الصامد، لقد برهنتم مرة أخرى من خلال نضالكم ووحدة صفكم، سواء في الاحتجاجات بالعاصمة أو عبر النضالات السلمية في كافة جهات البلاد، على قدرتكم على التصدي لكل من يعمل على استغلالكم والكذب عليكم”.ويحضّر عمال عقود ما قبل التشغيل ل تنظيم وقفات احتجاجية سلمية وموحدة تحت شعار “لا خضوع لا رجوع” على مستوى 48 ولاية، للتنديد برفضهم المطلق للصيغة الجديدة للعقود، وتأسفهم على التماطل و”الخداع الممنهج”، حسبهم، ضد شريحة أصحاب العقود التي تعاني التهميش والإقصاء، والمطالبة بإدماج كافة المستفيدين من عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية الحاملين للشهادات في مناصب عمل دائمة دون قيد أو شرط.رئيس اللجنة الوطنية لعمال ما قبل التشغيل محمد بولسينة لـ”الخبر”إما إدماجنا في مناصب دائمة أو مقاطعة الانتخاباتهددّت اللجنة الوطنية لعمال عقود ما قبل التشغيل بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، ما لم تستجب الحكومة لمطلب الإدماج الفوري في مناصب عمل دون قيد أو شرط. وقال رئيس اللجنة محمد بولسينة، في حوار مع “الخبر”، إن العمال مصممون على الاحتجاج والزحف نحو المقرات الحكومية الحسّاسة لإسماع صوتهم.تحتجون رغم أن الحكومة منحتكم الأولوية في عمليات التوظيف القادمة؟ لأنه ببساطة لا توجد وثيقة رسمية وزعت على مديري التشغيل عبر الولايات، تؤكد فيها الحكومة عزمها على منحنا الأولوية لسد 140 ألف منصب شاغر في المؤسسات والإدارات العمومية. وليعلم الرأي العام أنه في بعض الولايات نظمت مسابقات في مؤسسات عمومية عديدة، استثني منها عمال عقود ما قبل التشغيل. وفي ظل هذه الأوضاع، حضّرنا لاحتجاجات واسعة يوم 3 فيفري المقبل، ولقينا لحد الساعة استجابة واسعة للمشاركة فيها، وإذا لم نلق استجابة من قبل الحكومة، فسيكون ردنا تنظيم أكبر عملية زحف نحو العاصمة للتظاهر أمام قصر الحكومة ورئاسة الجمهورية يوميا.رفضتم صيغة العمل الجديدة، هل تملكون بديلا عنها؟ وكيف لنا أن نقبل بها ووزير العمل، محمد بن مرادي، متناقض في كلامه، فمرة يقول إنها محدودة المدة ومرة يقول إنها مفتوحة، ونحن مستعدون لتصديق تصريحات الوزراء شريطة أن تكون موحدة ومضبوطة. ثم إن الصيغة الجديدة للتشغيل تحت مسمى “عقود العمل”، تحاول من خلالها وزارة الوصية أن تعالج بها مشكلا، لكنها ستخلق مشكلا آخر، ففي الوقت الذي نطالب بالإدماج في مناصب عمل دائمة تخرج علينا هي بالعكس، وحتى وإن كانت العقود مفتوحة فسيحرم العمال من حقهم في الترقية. أما سؤالك عن البديل، فالحكومة لها الإمكانات اللازمة التي تجعلها تقضي على مشكل عمال عقود ما قبل التشغيل في سنتين، أولا عن طريق خلق مناصب عمل في كافة المؤسسات والإدارات العمومية وهذا سهل عليها، فمثلا تستطيع الحكومة خلق منصب أخصائي نفساني وأخصائي اجتماعي في كافة الهيئات العمومية، حسب ما نادت به سنة 2009، فتكون بذلك قد خلقت مئات الآلاف من المناصب في دقيقة.رفعتم هذه المرة شعار “لا رجوع ولا خضوع”، لماذا وما القصد منه؟ هو رد فعلي تلقائي على الحكومة التي تحاول “إسكاتنا” بتصريحات لضمان استقرار الانتخابات الرئاسية القادمة، لكننا واعون ومقبلون على احتجاجات أخرى لتحقيق مطالبنا. ولا أخفي عليك أننا إذا لم نتلق ردا إيجابيا على مطلب إدماجنا في مناصب دائمة، سنذهب إلى مقاطعة الانتخابات ولك أن تتصوّر الضرر في وعاء بحجم 800 ألف عامل وعائلاتهم، لا يشاركون بأصواتهم في التصويت. ومع ذلك، نحن نقبل الحوار وإشراكنا كطرف في اللجنة المكوّنة لمراقبة عملية الإدماج.تصريحات وزير العمل عن عمال ما قبل التشغيل بـ”التواريخ” الخميس 28 نوفمبر 2013: أعلن وزير العمل لدى نزوله ضيفا لدى منتدى “ليبرتي” أن الإدماج لحاملي عقود ما قبل التشغيل وضمان مناصب عمل دائمة لهم، مسألة غير واردة تماما إن لم تكن “مستحيلة”، نظرا لكون العملية تتطلب أموالا ضخمة وإجراءات معقّدة، لكنه أشار إلى أن هذه الفئة ستمنح لها مستقبلا الأولوية في التوظيف المباشر في مناصب العمل التي يستغلونها أثناء مسابقات التوظيف في المؤسسات والهيئات العمومية، بمعنى تلجأ إليهم مديريات المستخدمين لتعيينهم ثم البحث عن مناصب عمل أخرى عن طريق المسابقات الخارجية. الأحد 29 ديسمبر 2013: أفاد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد بن مرادي، بأن آلية عقود ما قبل التشغيل ليست حلا للقضاء على البطالة، بل “آلية تمت في إطار خطّة وتعميم شامل لمرحلة انتقالية منذ خلق عقود ما قبل التشغيل في حكومة مولود حمروش، كان الهدف منها تخفيف الضغط”. وقال الوزير لدى نزوله ضيفا على ركن “فطور الصباح” لـ”الخبر”، إن السياسة الجديدة في التشغيل ستتجه نحو خلق مناصب عمل في القطاع الاقتصادي بنسبة 70 بالمائة، و30 بالمائة فقط في الإدارات.المكلّف بالإعلام في الأفالان السعيد بوحجةسنضغط عبر البرلمان لتسوية وضعية هؤلاء العمال دعا المكلّف بالإعلام بجبهة التحرير الوطني “الأفالان”، السعيد بوحجة، الحكومة إلى الالتزام بتعهداتها تجاه فئة عمال عقود ما قبل التشغيل، مشيرا، في تصريح لـ«الخبر”، إلى أن واجب الدولة هو حماية مواطنيها، وتكوين صورة لديهم بأن وجود الدولة يكون فعليا لبناء مستقبل.وقال المتحدث إن قضية هذه الفئة ستنزل إلى البرلمان عبر نواب الأفالان للدفاع عنهم، لاسيما مع تلويحهم بمقاطعة الانتخابات الرئاسية وإن اعتبرها بوحجة ليست حلا نهائيا، مضيفا أن السعي إلى تسوية وضعيتهم يكون عبر اختيار ممثلين عنهم وإعطاء صوتهم لأصحاب ثقتهم للحفاظ على الاستمرارية.المكلفة بالإعلام في الأرندي نوارة جعفرهؤلاء العمال يمثّلون وعاء انتخابيا مهمّا أوضحت المكلفة بالإعلام في الحزب الوطني الديمقراطي، نوارة سعدية جعفر، لـ”الخبر”، بأن 800 ألف عامل بعقود ما قبل التشغيل يمثّلون وعاء انتخابيا مهما، مضيفة أنّهم كثاني قوة سياسية في البلاد، سيواصلون البحث مع ممثلي الحكومة عن الحلول الممكنة لتسوية وضعيتهم. ودعت جعفر هذه الفئة إلى عدم الذهاب إلى خيار مقاطعة الانتخابات المقبلة، باعتباره “واجبا وطنيا”، ومواصلة نضالهم بهدوء لنيل حقهم كاملا.قيادي في الحركة الشعبية الجزائريةمطلب العمال حق قانوني ذكر قيادي في الحركة الشعبية الجزائرية أن عمال عقود ما قبل التشغيل من حقهم قانونيا المطالبة بمناصب عمل دائمة عن طريق الإدماج. وقال المتحدث إن خلق مناصب العمل يكون بالاستثمار وتشجيع المؤسسات الاقتصادية، داعيا هذه الفئة إلى التخلي عن فكرة مقاطعة الانتخابات الرئاسية وعدم ربط طلب مناصب عمل قارّة بهذه الطريقة التي لن تزيد القضية سوى تعقيد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات