حكومة جمعة لن تستمر طويلا ومهمتها تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية

+ -

ماذا يعني للشعب التونسي إقرار دستور جديد للبلاد؟ التصويت على الدستور التونسي جاء بعد مخاض عسير، وبعد أزمات واغتيالات سياسية طالت كلا من شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي، ثم انسحاب كتلة كبيرة من النواب من المجلس التأسيسي، وجاء هذا الدستور بعد حوار وطني شاركت فيه أحزاب الترويكا والمعارضة وبرعاية رباعي الحوار، تم التوصل فيه إلى استقالة حكومة علي العريض وإعداد الدستور، الذي أصبح أعجوبة، بعد أن كان من المفروض أن يكون جاهزا في ٢٣ أكتوبر ٢٠١٢، لكن هذا لم يحدث إذ تم التمديد والتمطيط له بشكل غير مقبول (لم يصبح جاهزا إلا في ٢٦ جانفي ٢٠١٤)، رغم أن الدستور الأمريكي لم يتضمن سوى أربع ورقات، أما بريطانيا فليس لها دستور، في حين أن الدستور الفرنسي استغرق بضعة أشهر قبل الانتهاء منه.الإعلان عن التشكيلة الجديدة للحكومة في نفس اليوم الذي تمت المصادقة فيه على الدستور، هل كان مصادفة أم باتفاق بين الأحزاب السياسية المختلفة؟  المساران الحكومي والدستور متلازمان، وهذا ما تم الاتفاق عليه في الحوار الوطني عندما جلس الفرقاء السياسيون لإيجاد الحلول، وتوصلوا إلى خريطة طريق نصت على تلازم المسارين (الحكومي والدستوري)، وتشكيل الحكومة أخذا مسارا صعبا بعد أن طرحت أسماء كثيرة رفضت جميعها قبل أن يتم التوافق بشأن مهدي جمعة كرئيس لحكومة الكفاءات الوطنية، وقد اطلعت على قائمة أسماء الوزراء الجدد وجميعهم غير معروف عنهم انحيازهم لأي طرف حزبي وأسماؤهم غير معروفة إعلاميا.كيف تم تجديد الثقة في لطفي بن جدو كوزير للداخلية بعد إعلان مهدي جمعة فشله في تشكيل الحكومة بسبب عدم التوافق بشأن بن جدو؟ نقابات الأمن رحبت بلطفي بن جدو على رأس وزارة الداخلية، وحتى جزء من المعارضة رحب به، ولكن البعض رفضه، على رأسهم الجبهة الشعبية وكذلك مباركة البراهيمي التي قالت بأنها لا تقبل بوزير داخلية قتل في عهده زوجها محمد البراهمي، خاصة بعد الرسالة الأمريكية التي حذرت السلطات التونسية بأن هناك محاولة لاغتيال البراهمي، ولكن لم تؤخذ هذه الرسالة بالجدية المطلوبة، ومع ذلك تم القبول بلطفي بن جدو وزيرا للداخلية، لأن هناك من يعتبرونه حازما في محاربة الإرهاب ووفر الحماية للسياسيين والإعلاميين المهددين بالاغتيال رغم أن فيهم من هو من المعارضة.ما هي مهام هذه الحكومة الانتقالية؟ هذه الحكومة مؤقتة ومنذ سقوط نظام بن علي مرت علينا نحو خمس حكومات مؤقتة، ومع ذلك من مهام حكومة مهدي جمعة الأساسية مواصلة محاربة الإرهاب بحزم، ومحاولة إنقاذ الاقتصاد التونسي وجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة مع نزول قيمة الدينار التونسي وارتفاع الأسعار.لم يحدد جدول زمني لحكومة مهدي جمعة ما قد يدفعها للتمديد على غرار مع حدث مع المجلس التأسيسي والدستور؟ هذا السؤال هام، لأن أحد الأسباب التي فاقمت الأزمة عدم احترام المواعيد الانتخابية، فالغنوشي والطبقة السياسية وقعوا على اتفاق لإنهاء المرحلة الانتقالية في ٢٣ أكتوبر ٢٠١٢، ثم قالوا مارس ٢٠١٣، ثم جوان ٢٠١٣ فأكتوبر ٢٠١٣، ثم قبل نهاية عام ٢٠١٣، وآخر تصريحات الغنوشي تحدثت عن جويلية ٢٠١٤، والباحثون في مراكز الدراسات قلقون من عدم دقة المواعيد السياسية في تونس، فيجب تقديم تاريخ محدد، لكن المجتمع المدني في تونس قوي ولن يسمح بمزيد من التمطيط، وقد التقيت مرة المنصف المرزوقي وقلت له إن شرعيتك انتهت في ٢٣ أكتوبر ٢٠١٢، فالشعب لم ينتخب منصف المرزوقي كرئيس للجمهورية، الذي لم يحصل سوى على ٧ آلاف صوت، كما أن رئيس لجنة الانتخابات أستاذ محترم، وهذه مؤشرات مطمئنة بأن المرحلة الانتقالية لن تستمر أكثر من بضعة أشهر، وحكومة مهدي جمعه لن تبقى طويلا، لأنها مرتبطة بتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: