وردني سؤال عن “حكم الاستفادة من منحة البطالة لمَن له عمل عند الخواص وغير مؤمّن عند ربّ العمل، علمًا أنّه يُطلب من المستفيد الإمضاء على هذه الشّروط”.إنّ الأزمة المالية العالمية، خاصة مع ظهور فيروس كورونا، قد رمت بآثارها على كلّ مناحي الحياة، وخاصة بالحالة المعيشية للأفراد، مع ضعف الدّخل أو انعدامه، جعل الكثير من الشّباب يعيش حالة إحباط، خاصة والسن يتقدّم به، والتّفكير في دخل قار يجعله ينهض ولو لسنوات معدودة، ثمّ يستأنف حياته.وفي ظلّ تحمّل الدولة مسؤولياتها تجاه مواطنيها، خاصة فئة الشباب، رأت من واجبها وضع منحة البطال بقيمة معيّنة، لمدّة معيّنة لسن معيّن.وإنّ ما أقدمت عليه الدولة ليس بدعًا، وتقليدًا للغرب كما يزعم البعض، بل هو اجتهادي عمري أصيل في تراثنا الرّاشدي.فقد ضرب سيّدنا عمر رضي الله عنه منحة لكلّ كبير سنّ، وكلّ مُعاهِد مبلغًا من المال يَكفيه لمعيشته، يؤخذ من بيت مال المسلمين. وهي قصة مشهورة مع ذلك اليهودي الّذي وجده يتسوّل في السّوق، فقال له: ما أنصفناك... أخذنا شبابك في صغرك وهذا بأخذ الجزية....ومقصد الدولة هي منحة موجّهة للمعدوم، وكلّ أدرى بثلثه. وعليه, أقول وبالله التّوفيق:- شروط منحة البطال من النّاحية الشّرعيةأوّلًا: أخذ المنحة من الدولة، فهذا من حقّ المواطن على دولته، وليست مِنّة ولا تفضّل. ثانيًا: العقد شريعة المتعاقدين، والمؤمنون عند شروطهم. ثالثًا: كلّ تصريح مخالف لمقتضى للشّروط الإدارية المشار إليها في آخر الفتوى، يُعَدّ كذبًا وتدليسًا وتزويرًا وأكلٌ للمال بالباطل وبغير وجه حقّ. رابعًا: إذا كان هذا الشاب له عمل حرّ وثابت، أو ميسور ماديًا، فإنّه يحرم عليه أخذ هذه المنحة، وهذا باعتبار أنّ المال هو مال الشعب، والدولة مستخلفة فيه، والأصل فيها أنّها تنفقه بالمعروف. خامسًا: إذا كان هذا الشاب يعمل ولكن عمل مؤقت، أو عمل غير مؤمّن، فإنّه من حقّه هذه المنحة الّتي تضمن له دخل ثابت ولو مؤقّتًا، بالإضافة إلى حصوله على بطاقة التّأمين (بطاقة الشّفا). سادسًا: ألّا يكون صاحب مهنة أو حرفة تدرّ عليه من الأموال أضعاف ما يأخذه البطال، وتكفيه لعيشه وعلاجه. سابعًا: إذا عرض على أحدهم العمل، ولكنّه يرفضه بحجّة أنّه نفس المبلغ، ومن غير تعب، فهذا كذلك آثم، لأنّ المنحة موجّهة لفاقد العمل، وهو متاح له.- شروط منحة البطال من النّاحية الإداريةالشّرط الأوّل في منحة البطالة هو أن يكون المتقدّم من حملة الجنسية الجزائرية فقط. والثاني أن يكون المتقدّم بلا وظيفة ولا يحصل على أيّ دعم أو راتب من أيّ جهة أخرى، أي لديه مصدر دخل آخر. أمّا الشّرط الثالث يجب أن يكون عمر المتقدّم ما بين 19 و40 سنة وتكون الأولوية في هذه الحالة للأكبر سنًّا. والرّابع هي أن يكون المستفيد مسجّلًا في الوكالة الوطنية للتّشغيل (anem.dz ar) لأوّل مرّة. خامسًا يجب أن يبرّر وضعيته إزاء الخدمة الوطنية. سادسًا أن لا يكون في مؤسسة تعليمية. سابعًا أن لا يتوفّر الزّوج على أيّ عمل مهما كانت طبيعته. وثامنًا عدم الاستفادة من أيّ جهاز عمومي آخر، كأخذ قروض إنشاء المؤسسات المصغرة.ملاحظات: تنتهي صلاحية المنحة في حال حصول المتقدّم للمنحة والعاطل عن العمل على وظيفة عن طريق إحدى الوكالات الوطنية للتشغيل، وبذلك تسقط هذه المنحة من تلقاء نفسها ولا يستطيع المستفيد الحصول عليها من بعد ذلك، كما تُلغَى في حال حصول المستفيد على وظيفة في أيّ منشأة خاصة أو عامة في دولة الجزائر.نسأل الله عزّ وجلّ أن يفرج عن كلّ مكروب ومَدين، وأن يحفظ شبابنا في دينه ومعيشته.* أستاذ الشّريعة والقانون بجامعة وهران
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات