استقبل ملك كمبوديا، السيد نورودوم سيهاموني، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، الشّيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الّذي نوّه بالنّموذج الكمبودي في تحقيق وئام تنوّعه الوطني، مثنيًا على تميُّز هذا الوئام المشمول بمُكَوِّنه الإسلامي الّذي يتمتّع بكامل حريته الدّينية، ويعيش أخوّته الوطنية مع الجميع في صورة تعكس المستوى العالي للوعي والتّلاحم الوطني.وأشاد ملك مملكة كمبوديا بالأثر الملموس لجهود رابطة العالم الإسلامي لتعزيز التّحالف الحضاري بين التّنوّع حول العالم، وتعزيز الوعي لدى المجتمعات المسلمة.وزار الدكتور العيسى المركز الإسلامي في العاصمة الكمبودية “بنوم بنه”، والتقى بالقيادات الإسلامية الكمبودية الّتي أشادت بجهود الرابطة حول العالم، معبّرين عن اعتزازهم بالسّمعة الّتي تحظى بها لدى كبار القيادات السياسية والبرلمانية والدّينية في كمبوديا كنموذج من بين النّماذج الدولية الّتي تحتفي بالرابطة حول العالم ما ينعكس إيجابًا بشكلٍ كبيرٍ ومباشرٍ على الأقليات المسلمة.وألقى الشّيخ العيسى خطبة الجمعة في الجامع الكبير بالعاصمة الكمبودية بناءً على طلب القيادة الدّينية الإسلامية، وتناول في خطبته الّتي شهدها مئات المصلّين أربعة محاور مركزية تهمّ المكوّنات الإسلامية في مجتمعاتها الوطنية.والتقى العيسى بالبطريرك البوذي الأكبر لمملكة كمبوديا تيب فونغ، والبطريرك بور كري، اللّذين أكّدَا أنّ الزّيارة “تاريخية للشعب الكمبودي، لم تسبقها زيارة شخصية إسلامية بمكانة د. العيسى المعروفة لدى الأمّة البوذية”، مشدّدين على أهمّيتها لتعزيز التّعاون بين أتباع الأديان. كما استضافت الجامعة الملكية في بنوم بنه الدكتور العيسى، بحضور الوزير الأوّل ووزير التعليم ومدير الجامعة، إلى جانب جمعٍ من الأساتذة والباحثين والطلاب وكبار المسؤولين من القيادات المحلية، حيث ألقى الدكتور العيسى محاضرة بعنوان: “قيمنا المشتركة والتّحالف الحضاري”.وعبّر أمين عام رابطة العالم الإسلامي عن تقديره للجامعة العريقة الّتي تُعدّ أكبر جامعة في البلاد، أنشئت قبل 62 عامًا، ويدرس فيها عشرون ألف طالبٍ في برامج البكالوريوس والدّراسات العليا، وتخرّج منها عددٌ من القيادات الكمبودية، مشيدًا بقيم التّسامح والتّعايش الّتي يتبنّاها الشعب الكمبودي، والّذي أصبح نموذجًا مُلهمًا في محاربة كلّ أشكال الكراهية والعنصرية والتّمييز. وتطرّق الشّيخ العيسى في محاضرته إلى القيم المشتركة بين البشر، معتبرًا إيّاها تجسيدًا للتّحضّر والوعي بكامل معانيه، مشيرًا إلى أنّ هذه القيم منحت لكامل المكوّنات الوطنية في كمبوديا حقوقها كاملة، رغم الاختلاف في الدّين والعرق، وهذا ما جعل كمبوديا الحديثة تعيش الأمن والاستقرار، والّذي انعكس على النّمو الوطني المتزايد، وعلى عمق المحبّة بين فئات الشعب.ولفت إلى أنّ القيم المشتركة هي الرّابطة الإنسانية الأخلاقية، وأنّها تعني التّحالف الأخلاقي للتّنوّع الإنساني، سواء أكان تنوّعًا دينيًا أو ثقافيًا أو غير ذلك، وهي تعني أيضًا التّأكيد على أنّ التّنوّع بين البشر تجمعه نقاط يلتقي حولها، وهي كفيلة بإحلال السّلام في عالمنا ومجتمعاتنا الوطنية.ونبّه الدكتور محمد العيسى إلى أنّ التّذكير بالقيم المشتركة غير كافٍ، بل لا بُدّ من العمل المشترك على ضوء هذه القيم، وأن يكون العمل جادًا وفاعلًا، وله أثر ملموس، ويمكن قياسه وتقويمه.ثمّ تطرق إلى “ملتقى الرياض” الّذي انعقد الشّهر الماضي حول “القيم الدّينية المشتركة”، وكان نقطةَ تحوّلٍ مهمّة في العلاقة بين أتباع الأديان والحضارات، وقد شارك فيه عددٌ من المفكرين الدّينيين والمسؤولين السياسيين المعنيين بتحالف الحضارات، وصدر عن هذا الملتقى “إعلان تاريخي” وهو “إعلان القيم الإنسانية المشتركة”، الّذي أوصى بإنشاء “منتدى للدبلوماسية الدّينية من أجل بناء الجسور بين الحضارات”، كما أوصى بـ”إصدار موسوعة عالمية للمشتركات الإنسانية”، وهو ما تعمل عليه الرابطة مع شركائها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات