دعوني في البداية أحيي أهلنا في الجنوب على موقفهم الصارم من تعريض حياتهم وحياة أجيالهم القادمة لمخاطر الغاز الصخري. ودعوني بالمناسبة أنبه هذا النظام إلى تغيير نظرته لسكان الجنوب، فهم لم يعودوا مسالمين ولا خائفين من السلطات المسؤولة، فالأجيال الجديدة مثقفة، وتعي وضعها البائس جيدا، وهي لم تعد مسالمة، وتعرف أن الجزائر ليس فيها سلطة ولا مسؤولية ولا هم يحزنون!..إن هذا النظام المتعصب لأطروحاته الفاسدة، يعرض شعبه لمخاطر غير محسوبة العواقب، متماديًا في النظر إلينا وكأننا “صغار” لا يعرفون مصالحهم. ورغم كل الحجج الاقتصادية والبيئية التي حاججناه بها لايزال متماديًا في موقفه، مدعيا أن الجنوب خال من البشر، وأن الكثافة السكانية المنخفضة لا تتأثر بمخلفات هذا الغاز، وهي الحجج الواهية نفسها التي أطلقها الاستعمار الفرنسي حين بدأ في تجاربه النووية، والنتيجة أن سكان الجنوب لايزالون بعد خمسين سنة، يموتون جراء تلك التجارب بمختلف أنواع الإعاقات والسرطانات..قلنا إن الغاز الصخري خطر على الجزائريين و.. كفى. هذا لا مجال لدحضه أو التلاعب بالوعود والشعارات لإقناع الضحايا أن مآلهم الجنة!؟ خذوا الجنة إليكم، إن غفر الله لأمثالكم، واتركوا لنا الجزائر نظيفة، وصحة الشعب الجزائري مقبولة، ونباتات الجزائر تتعايش مع الطبيعة كما وهبت لها..هل يفكر هذا النظام “المخلوع” من انهيار سعر البترول، أن ثروة الجزائر الحقيقية هي شعبها، وأن برنامجه الوحيد (من المفروض؟!) هو سلامة هذا الشعب جسديا وعقليا وأملاكا.. هل يفكر هذا النظام أنه بإنتاج الغاز الصخري يرتكب جريمة ضد الإنسانية على مدى أجيال وأجيال؟هل قال له خبراؤه إن المياه الجوفية التي يستخدمها لاستخراج هذا الغاز ستسمم لقرون قادمة منابع تلك المياه التي سيحتاج لها الجزائريون في حالة الارتفاع المتزايد لحرارة المناخ، في الشمال والجنوب على حد سواء لشربهم وسقي مزروعاتهم؟هل قال له خبراؤه إن الهواء الذي يتنفسه سكان الجنوب سيكون ملوثا بشتى أنواع السموم التي لا تقضي على البشر فقط وإنما على البيئة بكل مخلوقاتها؟لا تهمنا حكاية الجانب الاقتصادي في اللعبة كلها، ومن يقف وراء قرار سياسي بمثل هذه الخطورة، وما هي مصالحه ومصالح من يدفعونه إلى مغامرة بمثل هذه الخطورة؟ ما يهمنا أن هناك بشرا معرضون للخطر في بلدنا، وعلينا أن نقف وقفة رجل واحد، شعارنا: كلنا ورڤلة وغرداية وتمنراست وعين صالح.. وإلا سيكون مصيرنا جميعا، على حد تعبير علي رضي الله عنه، قُتلتُ يوم قُتل الثور الأبيض ..
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات