المظاهرات الفريدة من نوعها في الهند تقدم صورة رائعة من المحافظة على السلمية القومية جديرة بالتسجيل والاحتفاظ بها في سجل الأمن القومي، وفي نشر السلام والأمان في أبهى صوره وأشكاله.إنّها مظاهرات واضحة المعالم والملامح من حيث الوجوه الشّابة المشاركة فيها، خرجت تنديدًا بقانون الحكومة الصّادر عن نظام التّجنيد العسكري الجديد بالهند وما يحتوي عليه من المدّة اللازمة له، وما يتبعها من تقاعد بعد أربع سنوات من دخوله فقط، مع حرمانهم من صرف معاشهم.أي سلمية هذه، أي وقفة احتجاجية هذه، أي رجال هؤلاء، وقبل كلّ هذه وتلك، أين رجال الأمن والشرطة الّذين كانوا يطلقون الرّصاصات القاتلة على المتظاهرين المسلمين الجمعة الماضية ضدّ التّصريحات المسيئة لسيّد الخلق وأشرف الكائنات صلى الله عليه وسلم؟ أين تلك الجَرّافات الحكومية الهدّامة الّتي انقضّت على بيوت المتظاهرين المسلمين السّلميين فتداعت خاويةً على عروشها، وما نصيبها من بيوت المتظاهرين الهندوس؟ومن ثمّ تحركت الجهات الأمنية كالسّرعة المجنونة والصعقة الغضبية لتلاحق المتظاهرين المسلمين حتّى تمّ القبض الجنوني على عدد أكبر من ٧٠٠ منهم في الجمعة الماضية.إنّها معاملة ذات وجهين كاذبين يعامل بها أجهزة الحكومة الهندية.ويا بُعدَ ما بين الصورتين صورة الجمعة الماضية وصورة هؤلاء! ويا همجيةً ووحشيةً مع المتظاهرين في الأولى! ويا صمتًا مطبقًا على هؤلاء يعكس دليلًا قويًّا على انحياز تام للجانب الهندوسي متمثّلًا في أولئك الشباب الهندوس الّذين قاموا بأعمال عنف وشغب وألحقوا ضررًا بالغًا بالممتلكات الحكومية، وخسائر هائلة بمرافق حيوية عامة بوسائل المواصلات مثل القطارات والحافلات والسيارات، حتّى أضرموا النّيران في سبعة قطارات في عدّة محافظات، وخلعوا قضبان السكك الحديدية، وعطّلوا خدماتها، وعاثوا في الأرض فسادًا، وشرًّا مستطيرًا من كلّ تحركاتهم وتعاملاتهم، ومع كلّ ذلك يتمتّعون بحماية موفورة من أجهزة الأمن ورجال الشرطة!!!كما قام هؤلاء المتظاهرون من شباب الهندوس بإشعال النّيران في قسم الشرطة بمنطقة من مديرية علي كره، ممّا أدّى إلى تلف سيارة للشرطة بالكامل إلى جانب اشتعال القسم كاملًا بالنّيران ممّا يثبت بكلّ وضوح وجلاء أنّ الحبّ الوطني وأصل المحبّة للوطن إنّما هو عند المسلمين الّذين خرجوا الجمعة الماضية في مظاهرات لم تمَسَّ الوطنَ والدولةَ بأدنى شيء من سوء وضرر، وإنّما كانت مظاهرات سلمية آمنة، لمنع الإساءات المتكرّرة من قبل المجانين الأشرار إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أهل بيته الميامين الأطهار.لكن الإعلام الحكومي والقنوات الفضائية الهندية تتعمّد منع مقاطع من هذه الأحداث الواقعية الحيّة، وفي جانب آخر فالإعلام يلهث وراء تلفيق كلّ الأكاذيب وتنشط ما وسع الكلمةَ من معنى النّشاط في إلقاء السّواد على البياض!!! وفي الأخير لا يبقى إلّا أن تنشأ أسئلة صارخة صاخبة من رحم هذه السياسة البغيضة الّتي تسير على خطاها أجهزة الحكومة وهي كالشّمس واضحة أنّها تذُرُّ الرّماد في عين الدستور، بل وضعته في سراديب الإهمال والإغفال، وتضع فوق أفواه الحقيقة والواقع الكمامات والأقفال!ولم كلّ هذا التّضييق على المسلمين؟ لم هذه العنصرية البغيضة الشّنعاء، والعداوة الحمراء النّكراء تمارس مع المسلمين؟أليس المسلمون هم أبناء الأبطال من شعب الهند الّذين فَدَوْا وما زالوا يَفدُون كلّ غال ونفيس؛ صيانةً لعرضها وحرمتها، وحفاظًا على عزّها وكرامتها، وحرصًا على حماية ترابها ومائها، وحبًّا لأرضها وسمائها، وبنوا ما لم يستطع أيّ قوم أن يحاكوه ويقلّدوه؟ أليسوا هم كذا وكذا...؟
طالب دكتوراه بالأزهر الشّريف، مصر
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات