ليحل الغرداويون مشكلاتهم وخلافاتهم، قتيل أو قتيلين، 10 جرحى أو 100 مصاب، بالنسبة للسلطة تلك قصة صحفية، ككثير من الأخبار الصحفية العابرة، ما ليس عابرا بالنسبة للسلطة الآن، هندسة الديكور والصوت والمونتاج، وكيفية إخراج مشهد سينمائي لانتخابات رئاسية مكتملة الصورة في أبريل المقبل.ليحل الشعانبة والأمازيغ، العرب المالكية وبنو ميزاب الإباضية خلافاتهم، فالسلطة ليست منشغلة تماما بما يشغلهم، ما يشغل السلطة الآن كيفية الإعداد لتفعيل جهاز “صناعة الرئيس”، والبحث عن “عريس الغفلة”، وليحل الغرداويون مشكلاتهم، فالسلطة كسولة، لم تسمع ديك الصباح، ولم تشرب قهوة الصباح، ولم تشاهد دخان النار، السلطة مشغولة بهمّ آخر لا يخص الجزائريين، مشغولة بانتخاب رئيس للسلطة.لا أفهم سلوك الدولة بكل مفاصلها مع الفتنة القائمة في غرداية، أشعر أن التعاطي الحكومي مع هذه الفتنة كما لو كانت تحدث في دولة شقيقة، وإلا كيف نفسر مرور أكثر من شهر كامل على أحداث الشغب والعنف والمواجهات العرقية والمذهبية في غرداية، هل يشعر أحدكم في غرداية بوجود سلطة تعقل ما يجري حولها، غير حكومة تلبس البرنوس، وزراؤها كالأطفال أسطوانة مشروخة باتهام أطراف داخلية وأياد أجنبية كلما وقعت أحداث وحوادث، هل يشعر أحدكم بوجود المخابرات والاستعلامات التي تستهلك من أموال الجزائريين في الصندوق الأسود بلا حساب، دون أن تتوقع حدوث ما يجب أن تتوقعه، وهل يشعر أحدكم بوجود الأمن الذي يشتغل على صفحات الصحف و”يؤمّن” الجرائد بحصيلة وأرقام، أكثر مما يشتغل في قرى والمدن.كيف يمكن للمدير العام للأمن الوطني أن يفسر صور ومشاهد رجال الشرطة الذين يقفون موقف المتفرج على مجموعات من الشباب وهم يدمرون الأملاك حسب هوية أصحابها ويحرقون النخيل بحسب الانتماء ويخربون المقابر بحسب العرق، ليفسر الوزير الأول للجزائريين معنى استكانة السلطة التي تقوم بمبادرة وساطة كأن غرداية دولة شقيقة، وما معنى الدولة حين يقرر بلطجي في الحي غلق المدارس، وليشرح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، طالب العهدة الرابعة، المسؤول عن عثرة البغلة وأمن وقوت الجزائريين، قصة ليالي الرعب والفاجعة والفتنة في الڤرارة، ومنع الغرداويين من رزقهم في الأمن، وحقهم في السلم منذ أكثر من شهر.كانت السلطة في كل العقود الماضية تدخن الغاز وتشرب النفط وتلعب بكل شيء، إلا وحدة العقيدة والاستقرار المجتمعي، تسمح بكل شيء إلا الفتنة المذهبية والعرقية التي تقصم الظهر، لكنها صارت الآن تلعب بكل شيء، بالتراب المقدس ونفط البلد ومستقبل الشعب ووحدة المجتمع، هذه السلطة مستعدة لأن تلعب بالأرض والعرض من أجل أن تبقى، أيها الجزائريون دافعوا عن خبزكم، وعن نخيل غرداية وماء وادي ميزاب[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات