+ -

يقول العلّامة ابن خلدون في “المقدّمة”: “الظّلم مؤذن بخراب العمران: اعلم أنّ العمران على النّاس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها، لما يرونه حينئذ من أنّ غايتها ومصيرها انتهابها من أيديهم، وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها انقبضت أيديهم عن السّعي في ذلك، وعلى قدر الاعتداء ونسبته يكون انقباض الرّعايا عن السّعي في الاكتساب، فإذا كان الاعتداء كثيرًا عامًّا في جميع أبواب المعاش كان القعود عن الكسب كذلك لذهابه بالآمال جملة بدخوله من جميع أبوابها، وإن كان الاعتداء يسيرًا كان الانقباض عن الكسب على نسبته والعمران ووفوره ونفاق أسواقه إنّما هو بالأعمال وسعي النّاس في المصالح والمكاسب ذاهبين وجائين، فإذا قعد النّاس عن المعاش وانقبضت أيديهم عن المكاسب كسدت أسواق العمران وانتفضت الأحوال وابذعرّ النّاس في الآفاق من غير تلك الإيالة في طلب الرّزق فيما خرج عن نطاقها، فخفّ ساكن القطر وخلت دياره وخرجت أمصاره واختلّ باختلاله حال الدّولة والسّلطان لما أنّها صورة للعمران تفسد بفساد مادّتها ضرورة”. وأكّد “إنّ حصول النّقص في العمران بسبب الظّلم والعدوان على الرّعايا أمر واقع لا بدّ منه، ووباله عائد على الدول..”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات