يحاول الصّائم لشهر رمضان المعظّم الاستعداد له قبل حلوله لأجل الحصول على زاد إيماني يكفيه للسنة الموالية، بشرط التّخلّص ممّا عَلُق بنفسه من أدران وعلائق أخلاقية سيّئة لا تَمُت للإسلام بشيء، إلّا أنّ الكثيرين اعتادوا على سلوكيات خاطئة يمارسونها سنويًا في شهر رمضان، حتّى أضحت عادة لهم، لا ينفكّون عنها.وتتباين تلك السّلوكيات الخاطئة المكتسبة من فرد لفرد حسب البيئة والثقافة والالتزام والعلم، ولن نستطيع حصرها، وإنّما نذكُر بعضًا منها، في محاولة منّا التّحذير منها واجتنابها.الخصومةجعل الله تعالى أهم سمة للمُحبّين لله والمحبّ لهم سبحانه هي خفض الجناح بينهم واللين، فقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ” المائدة:54. وتُعدّ الخصومة أمر بغيض إلى الله وإلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم. روت عائشة رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: “إنّ أبغض الرّجال إلى الله الألد الخصم” رواه البخاري. ونعني بها الخصومة في الباطل، فمَن كان له حقّ فيجب أن يطلبه بل يلحّ في طلبه إلى أن يحصل عليه دون ظلم لخصمه أو إيذاء أو تشفٍّ.يضيِّع بعض الصّائمين خلال شهر رمضان صلاة الجماعة في المسجد لعذر الكسل أو النّوم، أو الاشتغال بما لا يجدي نفعًا. لأنّه بذلك يُضيِّع الصّلاة في أفضل بقاع الأرض وهي المساجد، وأنّ عظم الأجر مع كثرة الخُطا إلى المساجد، وأنّ الملائكة تدعو له وهو ما زال في انتظار الصّلاة، ويُصلّون على الصفّ الأوّل في الجماعة، وأنّ الشّياطين لا تستحوذ عليه، وأنّ مَن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله إن عاش رزق وكفي، وإن مات دخل الجنّة.السّهرإنّ وقت المسلم وقت ثمين جدًّا سواء في شهر رمضان أو غيره، ولا مجال فيه للمسلم الجاد أن يقضيه في اللّهو والسّهر الفارغ الطويل، ففي السّهر باللّيل تضيّع الفرائض بالنّهار أو تتأخّر عن وقتها أو يقلّ فيها الخشوع، ويفوّت المسلم على نفسه وقت البكور في الصّلاة وما فيه من خير، وتضيع لذّة الصّيام في شهر رمضان الكريم.كثرة النّومالوقت في رمضان رأس مال المسلم ومضمار سباقه وكنزه الثمين الّذي ينبغي ألّا يضيع منه، كما لا ينبغي أن يفوّته فيما لا ينفعه ولا يعود عليه بفائدة، ككثرة النّوم في نهار رمضان، ففي النّوم في النّهار تضييع للفرائض المكتوبة أو تأخيرها عن وقتها وفوات كثير من الطّاعات والأوقات الفاضلة، فتضيع معها لذّة الصّيام، واستشعار حكمة مشروعيته. إذ يجب عليه أن يقضي نهار رمضان في قراءة القرآن والتّسبيح وكثرة الذِّكر والاستغفار وغير ذلك.الفحش والسّب وبذاءة اللّسان واللّعنيقول النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: “إيّاكم والفحش فإنّ الله تعالى لا يحبّ الفحش ولا التفحّش” أخرجه النّسائي. وقال صلّى الله عليه وسلّم: “ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البَذِيء” رواه الترمذي والحاكم وغيرهما. والفُحْش هو التّعبير عن الأمور المستقبحة بألفاظ وعبارات صريحة وأكثر ما تقال في الأسواق وبين العامة والجهّال، أمّا أهل التُّقَى والصّلاح فيتحاشون الحديث بها أو حتّى سماعها فيعفون ألسنتهم وأذانهم عن الوقوع في الابتذال.كثرة الأكل والإسراف فيهقال الله تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” الأعراف:31. وقد أصبح شهر رمضان في أذهان الكثيرين مُقترنًا بكثرة الأكل، وإنّما افترض الله صيام شهر رمضان على المسلمين ليضيّقوا على الشّهوة مساربها، ويضيّعوا على النّفس الأمّارة مآربها.متابعة البرامج والألعاب وكثرة اللّهوشهر رمضان هو شهر العبادة والذِّكر والصّلاة والدّعاء، حيث تجد بعض الصّائمين يلعبون ألعابًا أقلَّ أحكامها الكراهة، مثل لعب الدومينو، والإسراف في لعب الكرة، وكذلك ألعاب يزعمون أنّها مسلّية تضيّع الوقت، وتفني السّاعات في غير منفعة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات