مع حلول شهر رمضان المعظّم يرغب الكثير من الأطفال في صيام رمضان تقليدًا للكبار، ولو لسويعات في اليوم، أو نصف النهار على الأقلّ أو محاولة صوم اليوم كلّه حتّى أذان المغرب، التزامًا منهم بعبادة فرضها الله عزّ وجلّ على المسلمين.روى البخاري ومسلم عن الرُّبَيِّعِ بنتِ مُعَوِّذِ بنِ عَفراء رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصارِ الّتي حول المدينة: “مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ”، فكُنَّا بعد ذلك نصومُه، ونُصَوِّمُ صبياننا الصّغار منهم إن شاءالله، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللّعبة من الْعِهْن، فإذا بكى أحدهم على الطّعام أعطيناها إيّاه عند الإفطارِ” رواه البخاري ومسلم.قال الحافظ ابن حجر العسقلاني معلّقًا على الحديث – باب صبيان الصبيان – أي هل يُشرَع أم لا؟ وظهور على أنّه لا يجب على مَن دون البلوغ، واستحب جماعة من السلف منهم ابن سيرين والزهري وقال به الشافعي أنّهم يُؤمَرون به للتمرين عليه إذا أطاقوه وحَدَّهُ بالسبع والعشر كالصّلاة، وحدّه إسحاق باثنتي عشرة سنة، وأحمد في رواية بعشر سنين، وقال الأوزاعي: إذا طاق صوم ثلاثة أيّام تباعًا لا يضعف فيهنّ على عمل الصوم، والأوّل قول الجمهور.ومن اهتمام الصحابة رضوان الله عنهم بصيام أطفالهم أنّهم يُهيِّئون لهم اللعب أثناء الصيام ليتسلوا بها فلا يشعروا بطول النّهار، أخرج البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صبيحة يوم عاشوراء إلى قُرى الأنصار: مَن كان أصبح صائمًا فليتم صومه ومَن كان أصبح مفطرًا فليصم بقية يومه، فكنّا نصومه بعد ذلك، ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن – أي الصوف – فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إيّاه حتّى يكون عند الإفطار.قال الحافظ ابن حجر العسقلاني معلِّقًا على الحديث: وفي الحديث حجّة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام، لأنّ مَن كان مثل السن الّذي ذكر في هذا الحديث فهو غير مكلّف وإنّما صنع لهم ذلك للتمرين، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يجمعون أطفالهم ويدعون الله عزّ وجلّ لحظة الإفطار رجاء استجابة الدعاء في تلك اللحظة المباركة، روى أبو داود الطيالسي عن عبد الله بن عمر قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: “للصّائم عند إفطاره دعوة مستجابة” رواه البيهقي في شعب الإيمان، فكان عبد الله بن عمر إذا أفطر دعَا أهله وولده ودعَا.ومن الأمور الّتي تُساعد حِرص الأطفال على الصِّيام، الحديث عن رمضان، وإشعارهم بالأجواءِ الرّائعة لأيامه ولياليه. وإيقاظهم لتناول السّحور، يُشعرهم بأهميتِهم، ويُعزّزُ حُبّ الصّيامِ في قلوبِهم. ومكافأتهم على الصّوم له مفعول كبيرُ على مُواصلَتهم الصّيام، إضافة إلى مدحهم والثّناء عليهم.ولهذا، يقول أستاذ الشّريعة في جامعة الأزهر، الدكتور محمود عاشور: إنّ صيام الطفل في نهار رمضان لا يكون على وجه التّكليف وإنّما التّرغيب والتّحبيب، مشيرًا إلى أنّ تكاليف الشّريعة الإسلامية لا ترد إلّا على البالغ العاقل، وذلك لحديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “رُفِع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتّى يستيقظ، وعن الصّبي حتّى يحتلم، وعن المجنون حتّى يعقل” رواه أبو داود. وأوضح أنّ صيام الطفل في نهار رمضان ليس على وجه التّكليف والوجوب، وإنّما على وجه التّحبيب والتّرغيب، ويبدأ استحبابًا من سن السابعة، كي يتدرّب على التزام الشّريعة بالتّدريج، حتّى إذا ما كبر وبلغ وجد في نفسه الطواعية الكاملة للتقرّب إلى الله سبحانه وابتغاء الأجر والمثوبة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات