لم يعد لقرصنة الجزائريين وتجارة الرقيق الأبيض في نهاية القرن الثامن عشر، الصدى نفسه الذي كانت عليه منذ مائة عام فيما مضى، وهكذا لم يتردَّد البربر في إحداث الدمار لماديرا(1) وتحدّي الإنجليز أمام بيوتهم، كان من بينهم "الرّيس مراد" الأكثر جرأة على الإطلاق، من ذهب إلى "آيسلندا" بمدفع بحري ضخم على متن مركبه الناقل للعبيد. احتجزت سجون الجزائر العاصمة خمسة وثلاثين ألفاً من الأسرى، ممَّن حَظيوا بالقسوة في معاملتهم وكانوا يُطعمون بالكاد، مع مئات من السفن الأخرى المصادرة، ممَّن تُسلّم أموالها في كل عام إلى القراصنة وأصحاب السفن ورعاة الأموال والمملكة نفسها، شكَّلت تجارتها هذه واحدة من أهمّ مداخيل الأرباح، تغاضت عنها أوروبا طويلاً لسبب مبهم لم يُفسر. فعلى الرغم من أن أعمال القرصنة كانت بالفعل في تراجع آنذاك لأسباب مختلفة، فإنَّ السجون الجزائرية كانت لا تزال تضمُّ حوالي ثلاثة آلاف مسجون في عام 1784، حيث جرَّ الكثيرون منهم سلاسلهم الحديدية لأعوام طويلة، استمرت حينها جهود الثالوث الأقدس(2)، والرهبان طالبي الرحمة، ومن عاشوا على أرض إفريقيا، من أجل التفاوض بشأن خلاص هؤلاء لا غير.
أُطلق عليهم اسم "عبيد الأشغال"، كان معظمهم من البحَّارة، المجدّفين طويلاً على سفن القوادس الحربية، والآن هم يكدحون في أعمال الزراعة، كما تكوّنت في الغالب أطقم السفن من المرتدين(3)عن الدين. كان أيضا من "عبيد الفدية" نادري الحصول، إنهم أولئك الباهظو الأثمان، والذين يُتوقَّع منهم الكثير من المال، من ينتقلون أحيانًا من يد إلى يد قبل نيل حريَّتهم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات