+ -

من روائع حِلمِه عليه السّلام أنّ رجلًا كافرا دنا من النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو نائم ورفع الرّجل السّيف فوق النّبيّ فانتبه فقال له الرّجل: “مَن يَمنَعُك منّي؟ فقال الرّسول بكلّ ثبات وطمأنينة: “الله”، فارتَعَدَ الرّجل وسقط السّيف من يده، فأخذه النّبيّ وقال: “مَن يمنعك منّي”؟ فقال الرّجل في ضعف: كُن خيْرَ آخِذٍ، فقال له النّبيّ عليه السّلام قُلْ: “أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله”. فقال الرّجل: لا، غير أنّي لا أقاتلك ولا أكون معك ولا أكون مع قوم يقـاتلونك، فعَفَا النّبيّ عنه فأطلق سبيله، فعاد الرّجل إلى قومه لهم: جئتُكم من عند خيرِ النّاس.ومن وراء الأنبياء والمرسلين يأتي الصّالحون من العباد، قال تعالى في حقّهم في سورة الفرقان، الآية:63: “وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هُونًا وَإِذًا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا”.وقد علّق الحسن على هذه الآية فقال عن أصحابها: “حُلَماء إنْ جُهل عليهم لم يَجهلوا”، وهم في جِدّهم ووقارهم وقصدهم إلى ما يشغل نفوسهم من اهتمامات كبيرة لا يلتفتون كما قال صاحب ظلال القرآن إلى حماقة الحمقى وسفه السّفهاء ولا يشغلون بالهم ووقتهم وجهدهم بالاشتباك مع السّفهاء والحمقى في جدل أو عراك ويترفّعون عن المهاترة مع المهاترين الطائشين “وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا” لا عن ضعف ولكن عن ترفُّع ولا عن عجز إنّما عن عزّة نفس واستعلاء وعن صيانة الوقت والجهد أن ينفقَا فيما لا يليق بالرّجل الكريم المشغول عن المهاترة بما هو أهمّ وأكرم وأرفع.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات