يواجه العلماء والدّعاة كلّ رمضان سؤالًا متكرّرًا: ما حكم مَن يصوم ولا يُصلّي!؟، حيث تجد طائفة من المسلمين مَن يحرص على صوم رمضان، ولكنّه للأسف لا يحرص على أداء الصّلاة، متناسيًا أنّ ترك الصّلاة من أعظم المَصائب الّتي ابتلوا بها، فقد أخرج مالك عن نافع أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عمّاله “إنّ أهم أموركم عندي الصّلاة، مَن حفظها أو حافظ عليها، حفظ دينه، ومَن ضيّعها فهو لما سواها أضيع”.فلرمضان هيبة وحُرمة عظيمة في أنفس النّاس، توارثوها خلفًا عن سلف، فلا يجرؤ على انتهاكها إلّا فاجر، يوشك ألّا يكون له أيّ حظّ من الإسلام.ولا ريب أنّ الصّلاة أعظم في ميزان الدّين من الصّيام، وهي العبادة الأولى وعمود الإسلام، والفيصل بين المسلم والكافر، ولكن الجهل والغفلة وحبّ الدّنيا، جعل بعض النّاس يغفلون عن أهمية الصّلاة ومكانتها في الإسلام، حتّى إنّ بعضهم ليعيش عمره ولا ينحني لله يومًا راكعًا!.يقول الله سبحانه وتعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ}، والويل هو العذاب أو واد في جهنّم، وهذا لمَن سَهَا عن صلاته فتركها وأهملها تكاسلًا حتّى فات وقت أدائها، فإذا كان الويل لهذا المهمل للصّلاة، فماذا سيكون مصير التّارك للصّلاة نهائيًا؟. يقول سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا حظّ في الإسلام لمَن لا صلاة له”.فالمسلم مأمورٌ بأداء كلّ عبادة شرعها الله سبحانه وتعالى من الصّلاة والصّيام والزّكاة والحجّ وغيرها ممّا افترض الله تعالى عليه، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} أي التزموا بكلّ شرائع الإسلام وعباداته، ولا يجوز له أن يتخيّر بينها ويُؤدِّيَ بعضًا ويترك بعضًا فيقع بذلك في قوله تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}.وفي سياق حكم الصّوم من دون صلاة، أصدرت الأمانة العامة للفتوى بدار الإفتاء المصرية، فتوى في حكم مَن صام ولا يُصلّي، وقال إنّ صيامه صحيح وغير فاسد، لأنّه لا يُشتَرَط لصحّة الصّوم إقامة الصّلاة، ولكنّه آثمٌ شرعًا من جهة تركه للصّلاة، ومرتكب بذلك لكبيرة من كبائر الذّنوب، ويجب عليه أن يبادر بالتّوبة إلى الله تعالى.وجاء في الفتوى أنّه لا يجوز لمسلمٍ تركُ الصّلاة، وقد اشتدّ وعيد الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لمَن تركها وفرّط في شأنها، حتّى قال النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: “الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنّسائي وابن ماجه وصحّحه الترمذي وابن حبّان والحاكم.ومعنى “فقد كفر» في هذا الحديث الشّريف وغيره من الأحاديث الّتي في معناه: أي أتى فعلًا كبيرًا وشابه الكفار في عدم صلاتهم، فإنّ الكبائر من شُعَب الكُفر، كما أنّ الطّاعات من شُعَب الإيمان، لا أنّه قد خرج بذلك عن ملّة الإسلام، عياذًا بالله تعالى، فإنّ تارك الصّلاة لا يُكفَّر حتّى يجحدها ويكذب بها، ولكنّه مع ذلك مرتكب لكبيرة من كبائر الذّنوب.وأضافت دار الإفتاء “كلّ عبادة من هذه العبادات المفروضة لها أركانها وشروطها الخاصة بها، ولا تَعَلُّق لهذه الأركان والشّروط بأداء العبادات الأخرى، فإن أدَّاها المسلم على الوجه الصّحيح مع تركه لغيرها من العبادات فقد أجزأه ذلك وبرئت ذِمَتُه من جهتها، ولكنّه يأثم لتركه أداء العبادات الأخرى، فمن صام وهو لا يُصلّي فصومه صحيح غير فاسد؛ لأنّه لا يُشتَرَط لصحّة الصّوم إقامة الصّلاة، ولكنّه آثمٌ شرعًا من جهة تركه للصّلاة، ومرتكب بذلك لكبيرة من كبائر الذّنوب، ويجب عليه أن يبادر بالتّوبة إلى الله تعالى، أمّا مسألة الأجر فموكولة إلى الله تعالى، غير أنّ الصّائم المُصَلِّي أرجى ثوابًا وأجرًا وقَبولًا ممّن لا يُصلّي”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات