+ -

اقتضت حكمة الله تعالى تفضيل بعض النّاس على بعض، وبعض الأماكن على بعض، وبعض الشّهور على بعض، ومن هذه الأشهر الّتى فضّلها الله سبحانه وتعالى شهر رمضان، فهذا الشّهر الكريم له فضائل وخصائص تميّزه عن غيره من الشّهور.وفضائل شهر رمضان وخيراته لا تُعَدُّ ولا تحصى، ولذلك قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “لو تعلمُ أمّتي ما في رمضان من خير لتمنَّت أن تكون السنةُ كلًّها رمضانَ”. ومن أهمّها:شهرٌ أُنزل فيه القرآن في ليلة مباركة هي خير من ألف شهر، لقوله سبحانه وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}، وقوله تعالى: {إنّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}، وقوله عزّ وجلّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}.تُفتح أبواب السّماء لرفع أعمال العباد واستجابة دعائهم، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إذا دخل شهرُ رمضان فُتّحت أبواب السّماء” رواه البخاري ومسلم.تُفتح أبواب الجنّة فلم يُغلق منها باب، ولكلّ باب مفتاحه من العمل ليزداد المؤمنون تنافسًا، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنّة وغلّقت أبواب النّار وصُفدّت الشّياطين” رواه البخاري ومسلم.تُغلق أبواب النّار فلم يُفتح منها باب، رحمة بالعباد للحديث السّابق.تُفتح أبواب الرّحمة ليجود الله بأفضاله ونعمه على العباد، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الرّحمة” رواه مسلم.يُغفر لكلّ من صام نهارهُ وقام ليله، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه” رواه البخاري ومسلم، وقوله صلّى الله عليه وسلّم أيضًا: “يُغفر لأُمّتي في آخر ليلة من رمضان” رواه أحمد.تسلسل فيه الشّياطين ليؤوب العباد إلى ربّ العباد، فيكثرُ الخير ويعمُّ، ويضعف الشّرّ ويقصر، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: “وصُفّدت الشّياطين”.يُضَعّف فيه الأجر، فلا يعلم عظمة ثواب الصّائم إلّا الله، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “قال الله عزّو جلّ: “كلّ عمل ابن آدم له إلّا الصّيام فإنّه لي وأنا أُجْزي به...”، نَسَبهُ لنفسه تشريفًا وتعظيمًا، وأخفى ثوابه عن جميع خلقه.للهِ عتقاءُ من النّار في كلّ ليلة من ليالي رمضان، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إنّ لله عند كلّ فطر عتقاء وذلك في كلّ ليلة”، وفي رواية الترمذي “وينادي مناد: “يا باغي الخير أقْبِل، ويا باغي الشّرّ أَقْصِر” رواه أحمد.وقد شُرِع الصّيام لحِكم أهمّها:التّحقُّق بالتّقوى، لقوله تعالى: {ياأيُّها الَّذِين ءامَنُواكُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتَّقون} أي: تخافون اللَه، ومَن خافه فرّ إليه، ولم يتعدّ محارمَه ومحارم عباده، فالصّومُ يُوَرِّث التّقوى والإخلاص، وهو سرّ القبول، لقوله تعالى: {إنّما يَتَقبّلَ اللهُ مِنَ المُتَّقِين}.اتّقاءُ مَحارِم العباد، ولذلك خُتِمت آيات الصّيام بالتّقوى، وأوّل ما يجب اتقاؤه استباحة أموال النّاس، ولذلك بُدِئ به مباشرة، فقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “وَالصّومُ جُنّة” أي: وقاية مِن الوقوع في المعاصي واللّغو والفحش وأعراض النّاس...تصفية جهاز الاستقبال -وهو القلب- من حُجب المعاصي ليُقبل على تدبِّر القرآن الكريم، ولذلك اقترن الصّيامُ بالقيام.تربية النّفس على البذل والعطاء وقضاء حوائج النّاس وتفريج كرباتهم، وقد “كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أجودَ النّاس، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان... “، وهو قُدوَتُنا.رفعُ الدّرجات وتكفير السّيّئات ونيل الشّفاعات، لقول الله تعالى: {إنّمَا يُوفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيرِ حِسَابٍ}، ورمضانُ شهر الصّبر، وقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “الصّيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبد يومَ القيامة”.*مدير مدرسة الشّيخ عبد الحمبد بن باديس للقراءات بقسنطينة

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات