سيّدنا عيسى عليه السّلام في القرآن

+ -

 تمضي القِصّة في ذِكر أمور تجري بين السيّدة مريم عليها السّلام وقومها المتّهمين لها بما جاءت به من الولد، فتذكُر معجزة كلام عيسى عليه السّلام وهو في المهد، وما أنطقه اللّه به عند ولادته، يقول سبحانه: {قال إنِّي عَبْدُ اللّه آتَانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وجعلنِي مُبَارَكًا أيْنَ مَا كُنتُ ‎وأوْصَانِي بِالصَّلاةِ والزَّكاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وبَرًّا بِوَالدَتِي وَلَم يَجْعَلني جَبَّارًا شَقِيًّا والسَّلامُ عليَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيومَ أمُوتُ ويومَ أُبْعَثُ حَيًّا} مريم:30-33.هكذا يعلن عيسى عليه السّلام عبوديته للّه، فليس هو ابنه أو إلهٍ أو ثالث ثلاثة كما يدّعي النّصارى، بل هو نبيٌّ مبارك، أوصاه اللّه بالصّلاة والزّكاة مدّة حياته، وأوصاه بالبر بوالدته، والتّواضع مع عشيرته، وله حياة محدودة الأمد، وهو يموت ويُبعث كسائر الخلق، وقد قدّر اللّه له السّلام والأمان والطمأنينة يوم مولده، ويوم موته، ويوم بعثه.وينتهي ما يقوله عيسى عليه السّلام، بإعلان ربوبية اللّه له وللنّاس، ودعوته إلى عبادة اللّه الواحد بلا شريك: {وإنَّ اللّه رَبِّي وَرَبِّكم فاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقيم}، فلا يبقى بعد شهادة عيسى عليه السّلام وشهادة قصّته مجال للأوهام والأساطير، ولا للشّكّ والأباطيل.وقد ورد في سورة آل عمران ما يؤكّد قصّة مولد عيسى عليه السّلام كما وردت في سورة مريم، وذلك قوله سبحانه {إذْ قَالَت الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمَ إنَّ اللّه يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ منهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنيا والآخِرة ومِنَ الْمُقَرَّبِين وَيُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وكَهْلاً ومِنَ الصَّالِحِين} آل عمران:45-46.لقد شاء اللّه أن يخرق قاعدة الإنجاب والتّناسل في فرد من بني الإنسان، فيُنشئه نشأة قريبة، وشبيهة بالنّشأة الأولى، الخلق من تراب، وإن لم تكن مثلها تمامًا، الخلق من أنثى فقط، تتلقّى النّفخة الّتي تنشئ الحياة ابتداء، فتنشأ فيه الحياة!وقد بشّرت الملائكة مريم بكلمة من اللّه {اسْمُهُ المَسيحُ عيسَى ابْن مريم}، فتضمّنت البِشارة نوعه، وتضمّنت اسمه ونسبه، وظهر من هذا النّسب أنّ مرجعه إلى أمّه، ثمّ تضمّنت البِشارة كذلك صفته ومكانه من ربِّه {وَجِيهًا فِي الدُّنيا والآخِرة ومِنَ المُقَرَّبِين}، كما تضمّنت معجزة تُصاحب مولده {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ في المَهْدِ}، ولمحة عن مستقبله: {وَكَهْلاً}، ووصفته والموكب الّذي ينتسب إليه أنّه من {الصَّالِحين}.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات