يُظهر الانخفاض الهائل في أسهم "فايسبوك"، الذي قضى على الفور على ما يقرب من 200 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة، أن تغيير علامة فايسبوك التجارية إلى "ميتا" (Meta) لا يكفي لإلهاء المستثمرين عن المشاكل الموجودة في أعمالها الأساسية لوسائل التواصل الاجتماعي. تطبيق فايسبوك الرئيسي خسر مليون مستخدم يوميًا في أميركا الشمالية، حيث يحقق أكبر قدر من المال من خلال الإعلانات. وأدى هذا الانخفاض إلى انخفاض إجمالي في عدد المستخدمين اليوميين لفايسبوك على مستوى العالم، وهو ما أكده متحدث باسم الشركة بأنه أول انخفاض متسلسل في تاريخ الشركة.إذ تُظهر الإحصائية كيف كافحت ميتا للبقاء على صلة بالمستخدمين الأصغر سنًا، الذين ينجذبون بشكل متزايد إلى التطبيقات المنافسة مثل "تيك توك" (TikTok). وهو ما يضع مزيدًا من الضغط على رهان ميتا الكبير على مستقبل "الميتافيرس" (metaverse)، وهو العالم البديل الذي يدعم الواقع الافتراضي والذي يرى الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكنبرغ أنه مستقبل الإنترنت.شركة فايسبوك تخسر أيضًا المليارات في قسم "ريالتي لابس" (Reality Labs)، وهو القسم المسؤول عن سماعة الرأس "كويست في آر" (Quest VR)، وبرامج الواقع الافتراضي، ونظارات "إيه آر" (AR) القادمة، وغيرها من المبادرات ذات الصلة بالميتافيرس.وكشف تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز ست مشكلات تجعل فيسبوك في مكان صعب، مقارنة بغيره من تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي.فقد أدى سحر تطبيق تيك توك ونموه المدعوم من الصين إلى أكثر من مليار مستخدم على خلفية منشورات الفيديو القصيرة (Reels) التي يمكن مشاركتها بشكل كبير والتي تسبب الإدمان بشكل غريب، وقامت ميتا باستنساخ تيك توك باستخدام ميزة منتج فيديو تسمى Instagram Reels. وقال زوكربيرغ يوم الأربعاء إن Reels، التي وضعت في إنستغرام كانت المحرك الأول للتفاعل عبر التطبيق.في موازاة ذلك، بلغ نمو المستخدم الحد الأقصى، إذ ولت أيام النمو الهائل لمستخدمي فايسبوك، ولم تعد كما في السابق.في السياق ذاته، أضرت التحديثات التي أجرتها أبل وخصوصاً شفافية تتبع التطبيقات ، لنظام تشغيل الهاتف المحمول الخاص بها، الذي منح مستخدمي آيفون الخيار في السماح لتطبيقات، مثل فايسبوك بمراقبة أنشطتهم عبر الإنترنت، وأدى ذلك، إلى الحد من الإعلانات وهي إحدى الطرق الرئيسية للشركة لكسب المال.وأشار ديفيد وينر، المدير المالي لشركة ميتا، إلى أن تحديثات أبل التي ذكرناها سابقاً، أعطت المعلنين رؤية أقل لسلوكيات المستخدم، حيث بدأ الكثير من المعلنين في تحويل ميزانياتهم الإعلانية إلى منصات أخرى، وعلى رأسها غوغل.ومن الأسباب أيضاً التي جعلت فايسبوك يعيش صعوبات كبيرة، هو الإنفاق الكبير والجنوني على ميتافيرس، حيث يعتقد زوكربيرغ أن الجيل القادم للإنترنت والذي يتضمن أشخاصاً يتنقلون عبر عوالم مختلفة من الواقع الافتراضي والواقع المعزز، يستحق هذا الإنفاق، فقد بلغ الإنفاق أكثر من 10 مليارات دولار العام الماضي، ويتوقع زوكربيرغ أن ينفق المزيد في المستقبل.أما أكبر المصاعب فتكمن في محاولة مكافحة الاحتكار، إذ إن تهديد المنظمين في واشنطن لشركة فايسبوك هو صداع لا يزول لمديرها التنفيذي، فقد واجهت الشركة تحقيقات متعددة، بما في ذلك من لجنة التجارة الفيدرالية والعديد من المدعين العامين للولايات، حول ما إذا كانت قد تصرفت بطريقة مناهضة للمنافسة.ليس هناك شك الآن في أن فايسبوك، أو ميتا كما يطلق عليها الآن، تواجه تحديًا حقيقيًا لهيمنتها على وسائل التواصل الاجتماعي، فلم تعد سطوة أكبر تطبيق لهذا الوسائل على هذا الفضاء أمرًا مفروغًا منه كما كان منذ أكثر من عقد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات