منتدى تعزيز السلم 2021 يطلق “إعلان أبو ظبي للمواطنة الشّاملة”

38serv

+ -

أصدر منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في ختام أعمال ملتقاه السنوي الثامن، أوّل أمس، “إعلان أبوظبي للمواطنة الشاملة”. ويشكّل هذا الإعلان خارطة طريق؛ لمواطنة مستدامة في الدولة الوطنية، تمثّل عتبة متقدمة للشّراكة الكونية، القائمة على أسس أخلاقية وإنسانية، صالحة لتحقيق مبدأ الأخوة الإنسانية. أوصى المشاركون بتشكيل لجان من الخبراء لدراسة ومراجعة مناهج التّربية الدّينية والمدنية، وتطويرها؛ حتّى تأخذ في الاعتبار البُعد الإنساني والأخلاقي في مجال التّربية على المواطنة الشاملة، وإلى تأسيس فرع لمنتدى تعزيز السّلم يُعنى بتعزيز السّلم وبثّ قيم المواطنة الشاملة في بعض مناطق العالم؛ كبلاد إفريقيا جنوب الصحراء.وشدّدوا على ضرورة تشجيع وتكثيف لقاء القيادات الدّينية بغية إبراز أنّ الدّين يبني الجسور بين الثقافات، ويمكنه أن يكون قوّة للسّكينة والمصالحات.ودعوا إلى عقد شراكات بين المنتدى والمؤسسات الدّينية والجامعية الحكومية والخاصة، المحلية والدولية؛ لتفعيل مضامين إعلان مراكش وحلف الفضول الجديد، وميثاق المواطنة الشاملة.وقال رئيس منتدى تعزيز السلم، الشيخ عبد الله بن بيه، في كلمته في حفل الافتتاح المنتدى الّذي يُعقد في القاعة الكبرى لـ ‘إكسبو 2020 دبي’، بعنوان: “المواطنة الشّاملة من الوجود المشترك إلى الوجدان المتشارك”، الأحد الفائت، إنّ “المواطنة لا تنبني على مجرد المساواة في الحقوق والواجبات، ولا من خلال مفهومها القانوني البحت، بل لا قرار لها ولا استقرار إلّا بتأسيسها على أساس متين من القيم، فبهذه القيم الّتي ترسيها التّربية في النّفوس ترتقي المواطنة إلى المؤاخاة، وتنتقل من الوجود المشترك إلى الوجدان المتشارك، لتكون المواطنة بذلك بوتقة تنصهر فيها كلّ الانتماءات، وبقدر الانسجام والانتظام بين هذه العناصر في الجماعة يجد المواطن مكانه والجماعة مكانتها”.ولفت الشّيخ بن بيه إلى أنّ “الاعتراف بأثر كُلُيِّ الزّمان الجديد في مفهوم المواطنة أمر حتمي، والتّنكّر له يؤدّي لا محالة إلى الفشل، ولربّما إلى الفتن”، موضّحًا أنّ “تحقيق المواطنة المعاصرة يفترض القدرة على التّواصل مع العصر؛ إذ يقدم جملة من المفاهيم والقيم بعناوين تتمثّل في الحريات وحقوق الإنسان والمرأة والطفل، ويتميّز بالتّمازج بين الحضارات والتّزاوج بين الثقافات في حركة دؤوبة وتطوّرات مذهلة من الذرة إلى المجرة”، مشيّدًا بمضامين “وثيقة مكة المكرمة” في موضوع المواطنة الشّاملة.وبدوره، سلّط الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، الشّيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، في كلمته الافتتاحية، الضّوء على محورية: “وثيقة مكة المكرمة” في ترسيخ قيم ومبادئ المواطنة الشّاملة، والّتي تميّزت بحضور مفتي وعلماء الأمة الإسلامية بكافة مذاهبهم وطوائفهم حيث أمضاها أكثر من 1200 مفتٍ وعالم وأكثر من 4500 مفكر إسلامي في مكّة المكرّمة بجوار الكعبة المشرفة قِبْلَةِ ومرجع المسلمين كافة، وذلك في شهر رمضان المبارك لعام 1440هـ الموافق 2019م.وأشار الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى إلى أنّ موضوع المواطنة الشاملة، محمولًا على قيمه الدّينية والثقافية المشتركة وقيمه الإنسانية بقانونها الطبيعي العام ونصوصه ومبادئه الدستورية الخاصة والعامة وقوانينه ومواثيقه وأعرافه الدولية يعني في إطاره “المحلي” العيش المشترك على الأراضي الوطنية بكامل حقوقه وواجباته وتكافُؤ فرصه بكلّ معاني المساواة العادلة. وأضاف قائلًا: كما تعني المواطنة الشّاملة في إطارها “العالمي” الشّراكة الإنسانية في “استثمار” و«إدارة” و«حماية” كوكبنا الّذي جعلنا الله تعالى خلائفَ فيه واستعمرنا فيه ليقوم النّاس بالقسط، بالمدلول الشّامل لمعنى القسط، ولا يتحقّق ذلك إلّا بالمعنى الحقيقي للأسرة الإنسانية بقيمها وقوانينها وأعرافها المشتركة.ونبّه الشّيخ محمد العيسى إلى أنّ وثيقة مكّة المكرّمة الّتي حظيت برعاية خادم الحرمين الشّريفين ودَعَمَهَا بمبادرة ولي عهده الأمين، وأقرّتها الدول الإسلامية في اجتماعهم الوزاري المنعقد في نيامي بالنيجر، قد خصّصت في مادتها الثانية والعشرين سياقًا مضيئًا حول المواطنة الشّاملة، مشيرة إلى أنّها استحقاق تمليه مبادئ العدالة الإسلامية لعموم التّنوّع الوطني، يُحترم فيها الدستور والنظام المعبّر عن الوجدان الوطني بإجماعه أو أكثريته، مؤكّدة على “التمكين المشروع والكامل” للمرأة بوصفه من مرتكزات المواطنة الشاملة.وأكّد العيسى أنّ رابطة العالم الإسلامي أطلقت من أوروبا مبادرة تعزيز القيم الوطنية، وفي طليعة مستهدفاتها نشر الوعي بوجوب احترام دساتير وقوانين وثقافة الدول، سواءٌ من مواطنيها أو المقيمين على أراضيها، وذلك في أفق الفهم الصّحيح للهُوية الدّينية والوطنية، تأسيسًا على أنّهما يتكاملان ولا يتعارضان، وذلك بالنّظر لمقاصد الدّين الدّاعية للسّلم والوئام، والدّين ما جاء ليحرّض على سكينة المجتمعات ويؤثّر على لحمتها الوطنية المتآلفة تحت أيّ ذريعة، كما لم يأت إلّا آمِرًا بالوفاء بالعهود والمواثيق، وتأليف القلوب، والموازنة بين المصالح والمفاسد، والنّظر في مآلات الأمور ببصيرة الشّرع ومنطق العقل مع المطالبة المشروعة وفق قواعد وأحكام الدستور والقانون وبالسّلم والسّكينة بالخصوصية الدّينية، هذا كلّه مع التّنبيه على خطر أفكار ما يسمّى بالإسلام السياسي، بوصفها خارج سياق مقاصد الشّريعة الإسلامية إذ اختزلت تلك الأفكار الدّين العظيم في هدف سياسي ضيّق، تحملهم عليه أفكار فادحة الخطورة، نسجت لها رداءً مزوّرًا نسبته للدّين، فكان الافتراء على الإسلام ابتداء من محسوبين على داخله، والافتراء عليه في ثاني الحال ممّن تلقّف هذه اللّوثة من غير المسلمين فحسبوها على ديننا، وبخاصة ما حصل ويحصل من الفعل الضّار للفيف هذه الجماعات، فكانت الكراهية في أبشع صورها، وتصعيد الصّراع والصّدام الحضاري بين الشرق والغرب، ثمّ ثالثة الأثافي التّحريض على العنف والإرهاب، أو مباشرته، وهم في طليعة عدد من الأسباب لظاهرة الإسلاموفوبيا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات