غرداية تصر على الاشتعال، لا تريد الاستجابة للحلول الترقيعية ولا للمبادرات التجميلية. تريد حلا جذريا لا تعرفه ولا تعرف طريقه. عندما نقرأ مطالب التجار نجدها لا تستدعي أن يتقاتل أبناؤها بما أنها موجهة إلى السلطات وليست مطالب شباب حي موجهة لشباب حي آخر. كذلك عندما نقرأ الانشغالات الاجتماعية والتنموية، لا نجد فيها سلطة لدى الشباب المتشابك في شوارع وأحياء المدينة للكتفل بها. إذن هناك صراع آخر يختفي وراء اشتباكات الشباب الغرداوي، وحين ينتهي هذا الصراع ستهدأ غرداية. وإذا لم ينته الصراع الخفي فستنتقل معركة غرداية إلى غيرها من مناطق البلاد وهذا قانون الطبيعة ويسمى في قانون التوترات ما بين البشر، التعفن والفوضى واللاإستقرار...اجتهد الكل في فهم ما يحدث في غرداية: سياسيون ومثقفون ومسؤولون... وأعيان المنطقة، لكن قل ما تحدث الشباب المتقاتل والمتشاجر في الميدان، قلما سمعنا شابا شارك في المواجهات يقول لماذا شارك ولماذا ضرب فلانا أو لماذا ضربه فلان؟الشرطة المكلفة بالتحقيق مع من تورطوا مباشرة في الأحداث لا تنشر نتائج تحقيقاتها ولا تدافع عن نفسها بالملفات والتفاصيل، بل تكتفي بالتذكير بمهامها القانونية. وكذلك الشأن بالنسبة للعدالة التي لا تتواصل ولا تنشر الحقائق التي وقفت عليها في هذه الأحداث. تعفن الأوضاع في غرداية إذن دليل فشل مجتمع بأكمله ودولة بكل مؤسساتها. ولا نخرج من الفشل إذا حملنا المسؤولية لصراعات خفية في السلطة أو لجهات خفية معارضة تشوش على السلطة، ولن يخرجنا من الفشل ربط أحداث غرداية بما يحدث في سوريا ومحاولة إيجاد يد قطر فيها ولا يد استعمارية تركتها فرنسا في غرداية أو غيرها، ولا بالعودة إلى تاريخ المنطقة والبحث عن قيم التسامح وحسن الجوار أو عن الخلافات التاريخية الراسخة بين أبناء غرداية...والبلد الذي يصل فيه الفشل إلى هذا المستوى ستظل شؤونه تدار في الخفاء وصراعاته تدار في الخفاء إلى حين[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات