الأردن تسابق الزمن لتدارك النقص الكبير في صناعة السينما

+ -

يتحدث ضيوف أيام الفيلم الأردني بالجزائر، وهم المخرج أصيل منصور والمخرج فادي حداد وندى دوماني مديرة قسم الإعلام والثقافة لدى الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، الذين حلوا ضيوفا على “الخبر”، على هامش مشاركتهم في فعاليات أيام الفيلم الأردني بالجزائر، عن التحديات الكبيرة التي تواجه صناعة السينما في الأردن التي في رصيدها  إلى غاية الآن أقل من 20  فيلما سينمائيا طويلا منذ بداية صناعة السينما في الأردن. تتجه صناعة الأردن، اليوم، بخطوات ثابتة باتجاه تدارك التأخر الكبير في صناعة السينما. وأكد ضيوف “الخبر” أن السينما الأردنية التي ولدت سنوات الثلاثينيات على أيدي هواة ومغامرين، وبأدوات بدائية صنعوا معظمها بأيديهم، تحاول اليوم تحقيق قفزة حقيقية في مجال صناعة هذا الفن المهم في بناء المجتمع، من خلال تشجيع الشباب لتجاوز عقدة إنتاج فيلم واحد كل عشر سنوات. وقد بدأت الأردن تسجل تحسنا في السنوات الأخيرة تحديدا، حيث أصبحت قادرة على إنتاج ثلاثة أفلام سينمائية طويلة في السنة. وتعتبر الأفلام الأربعة المشاركة في فعاليات أيام الفيلم الأردني بالجزائر من أجود الإنتاجات وأحدثها، كما تقول ندى دوماني في إشارة إلى فيلم “لما ضحكت موناليزا” للمخرج فادي حداد الحائز على جائزة الصحافة في مهرجان وهران 2013، وأيضا الفيلم القصير  “إسماعيل” للمخرجة نورة الشريف، وكذا فيلم “على مد البصر” للمخرج أصيل منصور، وفيلم “الظلام في الخارج” لدارين سلام، وكلها أفلام أنتجت بميزانية بسيطة جدا لا تتعدى الـ120 ألف أورو.يرجع تاريخ صناعة الأفلام الأردنية الطويلة إلى سنوات الخمسينيات بداية مع الفيلم الروائي الطويل “صراع في جرش” العام 1957 للمخرج واصف الشيخ، ومن ثمّ فيلم “وطني حبيبي” للمخرج محمود كعوش العام 1962، ليعود المخرج جلال طعمة مع بداية السبعينيات بفيلمي “الأفعى” و”الابن الثاني عشر”. وشهد العام 1986 فيلما روائياً قصيراً للمخرج محمد علّوه، مأخوذ عن قصة الكاتب محمد طميلة بعنوان “الحذاء”. وفي هذا الإطار قالت ندى دوماني، ضيفة “الخبر”، إن الإنتاج السينمائي الأردني منذ ولادته إلى غاية الآن في رصيده فقط 20 فيلما سينمائيا طويلا وأرجعت ذلك إلى “نقص الإمكانات”. وأضافت أن الصناعة السينمائية في الأردن لاتزال تحاول جاهدة تدارك التأخر الكبير مقارنة بالإنتاج المصري أو حتى الجزائري، كما تقول ندى دوماني: “الإنتاج السينمائي في الأردن ليس زخما”، وأوضحت بأن الأردن تنتج ثلاثة أفلام روائية طويلة في السنة كحد أقصى.أجود وأحدث أربعة أفلام أردنية خصيصا للجمهور الجزائريتحدثت ندى دوماني، مديرة قسم الإعلام والثقافة لدى الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، عن اختيار الأفلام المشاركة في الأيام السينمائية الأردنية، والتي جاءت في لون واحد حول توجيه النقد للواقع، على أن صناعة الأفلام اليوم “يجب أن تعكس الواقع في الأردن”، وبالإضافة إلى ذلك، فقد أكدت ندى أن الأفلام المشاركة هي أفضل الإنتاجات الحديثة في الأردن.وشاركت أربعة أفلام أردنية في تنظيم أيام الفيلم الأردني بقاعة سينماتك الجزائر العاصمة. وقال المخرج الأردني الشاب فادي حداد الذي يزور الجزائر العاصمة للمرة الأولى، إن الجمهور الجزائري يحب السينما، كما يوضح بأن الشعب الجزائري لديه فضول حقيقي تجاه السينما، وهو جمهور يتفاعل وصعب، يطرح الأسئلة كثيرا، كما ينفي فكرة وجود هوّة بين المشرق والمغرب العربي فيما يخص اللغة. وفي هذا الإطار، يذكر المخرج فادي أن السينما مهمتها ليست الإجابة وإنما تسليط الضوء على الأحداث، وهو ما يتفق معه المخرج الأردني الشاب أصيل منصور الذي يؤكد أن مهمة السينما هي طرح الموضوع من وجهة نظر المخرج السينمائية، حيث إن آخر شيء يجب أن يفكر فيه المخرج هو إرضاء الجمهور، كما يوضح: “لا يجب الاهتمام بإرضاء الجمهور لأن ذلك مهمة مستحيلة، بل يجب أن يخرج المشاهد بسؤال من الفيلم”، وهذا هو أهم إنجاز يجب أن يقدمه المخرج، “المهم هو السؤال الذي تريد أن يخرج به الجمهور في النهاية”، كما يقول مخرج فيلم “على مدّ البصر”.كما تحدث أصيل منصور عن تجربته في عرض فيلمه لأول مرة بقاعة سينماتيك العاصمة، وقال: “عشت لذة الإرهاق مع الجمهور الجزائري”، مشيرا إلى أن الجمهور الجزائري يطرح أسئلة ويركز على التفاصيل  الذكية، وهو ما يحتاجه  صناع أفلام السينما في النهاية، كما يقول في معرض وصفه للجمهور الجزائري: “هناك حساسيات مختلفة فيما يخص التفاصيل الفنية، وبعض المشاهد لاسيما فيما يتعلق بالمشاهد التي تتناول شخصيات دينية”، وذلك في إشارة إلى شخصية المؤذن التي يتطرق إليها في فيلمه من زاوية نقدية... عندما ضحى المخرج التونسي كشيش بالمشاهد العربية مقابل النجاح العالميتعتبر مسؤولية الرقابة في الأردن خاضعة لجهاز الرقابة الذي يطلق عليه “هيئة المرئي والمسموع”، وهي الجهاز الوحيد المخوّل له منع عرض الأفلام وممارسة مقص الرقيب على المشاهد. وأوضحت ندى دوماني، في هذا الإطار، بأن هناك بعض الأفلام التي صورت في الأردن لكنها لم تعرض هناك نظرا لتناولها بعض المشاهد المتعلقة بالدين، حيث يعتبر الدين والجنس من بين أكثر الخطوط الحمراء التي ترهق السينما العربية. كما يشير المخرج أصيل منصور: “هناك محرمات ثلاثة هي الدين والجنس والسياسة”، ولكن ممارسة الرقابة عليها من طرف الهيئة الرسمية لا تعتبر أمرا خطيرا بقدر خطورة الرقابة الذاتية التي قد يمارسها المخرج على فيلمه. ويؤكد المخرج الأردني الشاب بأنه يحاول دائما أن لا يقع في فخ ممارسة الرقابة الذاتية التي قد يقوم بها بعض المخرجين من أجل الوصول بالفيلم إلى أكبر قدر ممكن من الجمهور، كما يوضح أن المخرج الذكي هو الذي يقوم بالتوازن بين تقديم عرض يحترم حرية الإبداع وبين تقديم عرض يضمن أن لا يخسر  المخرج القطاع الكبير من الجمهور، خصوصا فيما يتعلق بموضوع الدين.وأجمع ضيوف “الخبر” على أن المخرج العربي في النهاية يقع ضحية “المحرمات الثلاثة”، وقد يحقق نجاحا في العالم على حساب تلك المحرمات التي قد تجعل من فيلمه ممنوعا من العرض في الدول العربية، على غرار فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش الحائز على جائزة “كان” 2013، والذي ضحى، حسب المخرج أصيل منصور، بالجمهور العربي من أجل النجاح العالمي. كما يوضح المخرج فادي حداد بأن عرض فيلم “حياة أديل” الذي تناول موضوع الشذوذ الجنسي، في قاعات السينما العربية أمر مستحيل، كما يقول إن علاقة الدين بالسياسية هي أكبر المحظورات في الدول العربية، ولكن تبقى الرقابة الذاتية التي يمارسها العديد من المخرجين لضمان الوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور، تهدد مستقبل السينما العربية التي تحتاج، حسبه، “على الأقل إلى محاولة إرجاعها إلى مستوى الانفتاح الذي كانت تعرفه الدول العربية سابقا”.الوسائط الإلكترونية لتجاوز عقدة التوزيعتوصل المخرج فادي حداد إلى حل مشكلة توزيع فيلمه “لما ضحكت موناليزا” الذي أنتج بنظر وفكرة جماهيرية، كما يقول إنه حاول طرح الفيلم عدة مرات بشكل مستقل وكان الإقبال بسيطا نسبيا، لكنه توصل إلى حل المشكلة من خلال  التوزيع الإلكتروني عبر تقنية “فيميو  إين دومند” الذي ينقل السينما إلى بيت المشاهد في الأردن، ويتم دفع المقابل باستخدام بطاقات الائتمان، ويكون سعر الفيلم 2.99 دولار أمريكي، كما يقول فادي حداد: “تتيح التقنية لمستخدمي الأنترنت فرصة متابعة الفيلم لمدة معينة”. وبهذا، فقد نجح المخرج في تجاوز عقدة توزيع فيلمه، حيث إن عملية التوزيع تحتاج إلى ميزانية كبيرة. وقد أثرت أزمة توزيع الأفلام على التبادل الثقافي بين المغرب العربي والمشرق، كما تقول ندى دوماني، حيث كشفت أنه لا توجد أفلام جزائرية تعرض في المشرق، إلا من خلال المهرجانات والأيام الثقافية المشتركة.  وفي هذا الإطار، يعلق المخرج أصيل منصور على أزمة التوزيع التي أثّرت على صناعة الأفلام في بعض الدول التي اتجهت فيها السينما إلى صناعة الأفلام التجارية، قائلا: “المشكلة هي في اللغة أحيانا، وهي مشكلة أفكار أحيانا كثيرة”. وأكد منصور أن تجاوز تلك العراقيل ممكن من خلال كسر الهوة اللغوية بين الدول العربية لتوسيع نطاق المشاهد العربي، وبالتالي يتم حل جزء كبير من مشكلة التوزيع السينمائي.    

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: