شيخ الأزهر ينتقد الدّعوات لدين موحّد "الإبراهيمية"

+ -

 انتقد شيخ الأزهر، الأستاذ أحمد الطيب، الدّعوات الّتي يطلقها البعض بأنّه يمكن أن يكون هناك دين واحد يسمّى “الإبراهيمية” أو “الدّين الإبراهيمي”.وهاجم العلّامة أحمد الطيب في كلمته، الإثنين الماضي، بمناسبة الاحتفال بمرور 10 أعوام على إنشاء بيت العائلة ‏المصري، دعوات المناداة بـ “الإبراهيمية”، مبيّنًا أنّها في حقيقة الأمر دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد وحرية الإيمان وحرية الاختيار.فالدّيانة الإبراهيمية هي فكرة إسرائيلية لدمج الأديان كلّها في دين واحد فقط هو الإبراهيمي، أي أن يتخلّى المسلم والمسيحي فقط يتخلّون أو ينسون دينهم.وقال الشّيخ الطيب “هناك أمر بحاجة إلى شيء من التّوضيح؛ هو محاولة الخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدّفاع عن حقّ المواطن المصري في أن يعيش في أمن وسلام واستقرار، وبين امتزاج هذين الدّينين، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكلّ منهما، خاصة في ظلّ التّوجّهات الّتي تنادي بالإبراهيمية أو الدّين الإبراهيمي نسبة إلى إبراهيم عليه السّلام أبي الأنبياء”.وأضاف “ما تطمح إليه هذه التّوجّهات فيما يبدو من مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في رسالة واحدة أو دين واحد، يجتمع عليه النّاس ويخلّصهم من بوائق النّزاعات والصّراعات الّتي تؤدّي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدّماء والحروب المسلحة بين النّاس، بل بين أبناء الدّين الواحد والمؤمنين بعقيدة واحدة”.ولفت شيخ الأزهر إلى أنّ “هذا التوجّه أو هذه الدّعوة مثلها مثل دعوة العولمة ونهاية التاريخ والأخلاق العالمية وغيرها، هذه الدّعاوى وإن كانت تبدو في ظاهرها وكأنّها دعوى إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته إلّا أنّها هي نفسها وفي حقيقة الأمر دعوة إلى مصادرة أغلى ما يمتلكه الإنسان وهو حرية الاعتقاد وحرية الإيمان وحرية الاختيار، وكلّ ذلك ممّا ضمنته الأديان، وأكّدت عليه في نصوص صريحة واضحة”. وتابع “ثمّ هي دعوة فيها من أضغاث الأحلام أضعاف ما فيها من الإدراك الصّحيح لحقائق الأمور وطبائعها، ونحن لم نر حتّى هذه اللّحظة هذا الوليد الإبراهيمي الجديد ولا نعرف شيئًا عن ملامحه وقسماته، وهل المقصود منه تعاون المؤمنين بالأديان على ما بينها من مشتركات وقيم إنسانيه نبيلة؟ أو المقصود صناعة دين جديد لا لون له ولا طعم ولا رائحة؟”.واستطرد الشّيخ الطيب قائلًا “مهما يكن من أمر هذه الإبراهيمية فإنّنا ومن منطلق إيماننا برسالاتنا السّماوية نؤمن بأنّ اجتماع الخلق على دين واحد أيًا ما كان هذا الدّين أمر مستحيل في العادة الّتي فطر الله النّاس عليها”. وقال الطيب “ما نريد أن نخلص إليه من هذه الكلمات الموجزة هو أنّ انفتاح الأزهر على كنائس مصر وكذلك انفتاح الكنائس المصرية على الأزهر ليس كما يصوّره البعض محاولة لإذابة الفوارق بين العقائد والملل والأديان”، وأضاف “واضح أنّ هذا البعض صعب عليه إدراك الفرق بين احترام عقيدة الآخر وبين الإيمان بها، وأنّ احترام عقيدة الآخر شيء والاعتراف بها شيء آخر مختلف تمام الاختلاف”.وأشار شيخ الأزهر الشّريف إلى أنّ “انفتاح الأزهر على المؤسسات الدّينية داخل مصر وخارجها هو انفتاح من أجل البحث عن المشتركات الإنسانية بين الأديان السّماوية والتعلّق بها في انتشال الإنسانية من أزمتها المعاصرة وتحريرها ممّا حاق بها من ظلم القادرين وبغي الأقوياء وغطرسة المتسلطين على الضعفاء”.يذكر أنّ بيت العائلة المصري أنشئ عام 2011م برئاسة شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية، بهدف الحفاظ على النسيج الاجتماعي لأبناء مصر بالتّنسيق مع جميع الهيئات والوزارات المعنية في الدولة.وتجدر الإشارة إلى أنّ “الإبراهيمية” أو “بيت العائلة الإبراهيمية” يعدّ أحد مبادرات وثيقة الإخوة الإنسانية الّتي تمّ توقيعها في الإمارات قبل عامين. وقالت الإمارات إنّها ستفتتح “معبد” الدّيانات الإبراهيمية الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية، في أبوظبي العام المقبل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات