إنّ منزلة الجار في الإسلام عظيمة، قال الله تعالى: “واعْبُدوا اللهَ ولا تُشرِكوا به شيئًا وبِالوالديْنِ إحْسانًا وبذِي القُربَى واليتامَى والمساكين والجارِ ذي القُربَى والجارِ الجُنُب والصّاحِب بالجَنبِ وابن السّبيل وما مَلَكت أيمَانُكم إنّ اللهَ لا يُحبُّ مَن كان مُختالاً فَخُورًا” النّساء 36، قال ابن رجب في كتابه “جامع العلوم والحِكم” معلّقًا على هذه الآية: “جمع الله في هذه الآية بين حقّه على العباد وحقوق العباد بعضهم على بعض، وجعل الّذي أمر بالإحسان إليهم خمسة أنواع: أحدهما أصحاب القرابة وخصّ الوالدين فلهما حقّ التربية. الثاني، الضّعيف في بدنه وهو اليتيم، ثمّ الضّعيف في ماله وهو المسكين. ثمّ أصحاب القرب والمخالطة، وهم أنواع: جار ذو قربى وجار أجنبي.أمّا الجار ذو القربى، فقد وجب الإحسان إليه من جانبين، جانب كونه جارًا وجانب كونه قريبًا، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: “لا يدخل الجنّة قاطع رحم” رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: “مَن سرَّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه” رواه البخاري ومسلم. وأمّا الجار الأجنبي، فقد أوصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم به أمّته، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلّى الله عليه وسلّم بثلاث: “أن أسمع وأطيع ولو لعبد مجدّع الأطراف، وإذا صنعتُ مرقة فأكثر ماءها ثمّ انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منه بمعروف ...”، وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ يا رسول الله إنّ لي جارين فإلى أيّهما أهدي؟ قال: “أقربهما بابًا” أخرجه البخاري في صحيحه وفي الأدب المُفرَد.وأخرج البخاري عن ابن عبّاس رضي الله عنهما يقول: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول :«ليس المؤمن الّذي يَشبَع وجارُه جائع”، وفي رواية: “وهو يَعلَم”.وأخرج البخاري أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد أتى علينا زمان، أو قال حين، وما احدنا أحقّ بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثمّ الآن الدّينار والدرهم أحبّ إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعتُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: “كم من جار متعلّق بجاره يوم القيامة، يقول: يا ربّ هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه”.أمّا عن اقتطاع قطعة أرض بغير حقّ فمُحرَّم في الإسلام، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: “مَن أخذ من الأرض شيئًا بغير حقّه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين” رواه البخاري.وعن يعلى بن مُرَّة رضي الله عنه مرفوعًا قال: “أيُّما رجل ظلم شِبرًا من الأرض كلّفه الله أن يحفره حتّى آخر سبع أرضين ثمّ يطوّقه يوم القيامة حتّى يقضي بين النّاس” أخرجه الطبراني في الكبير وهو صحيح، فيَتُب هذا الّذي أخذ أرضًا لغيره ويردّها إلى صاحبها قبل فوات الآوان. والله أعلَم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات