أعاد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، التذكير بالرّواية الرسمية لمجزرة ارتكبتها قوات الاستعمار الفرنسي بحق قرابة 4 آلاف مصل اعتصموا داخل مسجد كتشاوة بالعاصمة الجزائرية رفضا لتحويله إلى كنيسة.وكان الرئيس عبد المجيد تبون يرد على تصريحات الرئيس الفرنسي الّتي أدّت إلى تأزّم العلاقات مع فرنسا، معرّجًا على “جرائم” الاستعمار الفرنسي في البلاد منذ دخوله عام 1830 حتّى خروجه عام 1962، خلال مقابلة أجراها مساء الأحد المنصرم، مع وسائل إعلام وطنية. وأكّد رئيس الجمهورية أن “فرنسا ارتكبت على امتداد 132 سنة جرائم بشعة لا تُمحى بكلمة طيّبة”، في تلميح إلى أنّ الوحشية والهمجية الّتي مارستها فرنسا الاستعمارية لا يمكن نسيانها بسهولة، مشيرًا إلى أنّ “هناك عائلات وعروشا (قبائل) مُحيَت نهائيًا مثل الزعاطشة (جنوب شرقي الجزائر) لم يبق منهم رضيع واحد”.وقال السيد الرئيس “اسألوا أهل الذّكر والذّاكرة ماذا فعلوا في (مسجد) كتشاوة.. لقد قتلوا فيه 4 آلاف مصل استشهدوا بعد أن تمّت محاصرتهم بالمدافع وإبادتهم”.بنى مسجد كتشاوة الّذي يُعدّ من أشهر المساجد التاريخية بالعاصمة الجزائرية، حسن باشا، في العهد العثماني عام 1612م، وجرى توسيعه عام 1794م، ممّا جعله أحد أكبر المساجد في الجزائر.لكن الدوق دو روفيغو حوّله إلى كنيسة في عهد الاحتلال الفرنسي، تحت إمرة قائد الحملة الفرنسية على الجزائر “دي بولينياك” بعد إخراج جميع المصاحف الموجودة فيه إلى ساحة الماعز المجاورة الّتي صارت تحمل فيما بعد اسم ساحة الشّهداء، وأحرقها عن آخرها، فكان منظرًا أشبه بمنظر إحراق هولاكو للكتب في بغداد عندما اجتاحها، فلم يحتمل سكان الجزائر المحروسة ما فعله هذا السّفاح بمسجدهم وبمقدساتهم، فهبّوا منتفضين واتّجهوا إلى المسجد حيث اعتكفوا هناك وأغلقوا الأبواب وصمدوا في داخل وجوار المسجد، وكان عددهم يفوق 4000 جزائري هبّوا كلّهم ليَحموا بيت الله الّذي هوو عرضهم ودينهم.
وقام الجنرال روفيغو بتحويل الجامع التحفة إلى إسطبل، بعد أن قتل فيه من المصلّين ما يفوق 4000 مسلم اعتصموا فيه احتجاجًا على قراره تحويله إلى كنيسة باسم المسيحية، وكان يقول: “يلزمني أجمل مسجد في المدينة لنجعل منه معبد إله المسيحيين”، ثمّ هدّم المسجد بتاريخ 18/12/1832م، وأقيم مكانه كاتدرائية، حملت اسم “سانت فيليب”، وصلّى المسيحيون فيه أوّل صلاة مسيحية ليلة عيد الميلاد 24 ديسمبر 1832م، فبعثت الملكة “إميلي” زوجة “لويس فيليب” هداياها الثمينة للكنيسة الجديدة، أمّا الملك فأرسل الستائر الفاخرة، وبعث البابا “غريغوري السادس عشر” تماثيل للقديسين.وعقب إعلان استقلال الجزائر يوم 05 جويلية 1962م، قام أحرار الجزائر بإعادته إلى أصله كمسجد مع المحافظة على معالم الكنيسة، لكن المسجد أغلق أبوابه في 2008م، بعد أضرار لحقت به جرّاء زلزال عنيف ضرب العاصمة الجزائر في 2003م. وفي أفريل 2018م، أعيد فتحه بعد عملية ترميم قامت بها وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” بفريق مختص وهيئة أكاديمية وحرفيين مهرة في فن التخطيط والنقش، بناءً على اتفاق تمّ بين حكومتي الجزائر وتركيا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات