+ -

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ”، وقال الله سبحانه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}.إنّ للعلم في شريعتنا الغرّاء مقاما عظيما، فأهل العلم هم ورثة الأنبياء، وفضل العالم على العابد كما بين السّماء والأرض. ويكفي شرفًا لأهل العلم أنّ الله عزّ وجلّ استشهَدهم على ما شَهِدَ به هو تبارك وتعالى؛ قال عزّ وجلّ: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ}.ولطلب العلم فضائل عظيمة وثماره قويمة، منها:العلماء هم ورثة الأنبياء، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “وإنّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إنّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنّما ورَّثوا العلمَ، فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ”.لا شيء في الدّنيا أشرف من العلم؛ لذلك أمر الله عزّ وجلّ نبيَّه أن يستزيدَه من العلم؛ قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}.العلم نور يهدي الله به مَن يشاء في هذه الدّنيا؛ إنّه نور يبصر به المرء حقائق الأمور، وليس البصر بصر العين، ولكن بصر القلوب، قال تعالى: {فإنَّها لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}؛ وقال عزّ وجلّ: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى}. ولذلك جعل الله النّاس على قسمين: إمّا شخص لديه علم ونور يهتدي به، وإمّا أعمى لا يرى، فقال الله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى}.رفع الله عزّ وجلّ قدر أهل العلم لا لحسبٍ ولا لجاه ولا لمال، وإنّما بسبب العلم: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.أجر العلم لا ينقطع حتّى بعد موت الإنسان؛ قال صلّى الله عليه وسلّم: “إذا مات الإنسان انقطع عنه عملُه إلّا من ثلاثةٍ: من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له”.يكفي في فضل العلم أنّه علامة على إرادة الله عزّ وجلّ الخير؛ قال صلّى الله عليه وسلّم: “من يُرِدِ اللهُ به خيرًا، يُفَقِّهْه في الدِّينِ”.العلم علوٌّ للنّفس ورفعة ورقي للإنسان والعالم له فضل معروف على سائر البشر، قال عليه الصّلاة والسّلام: “فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب”.التّنافس في بذل العلم: ولم يجعل الله التّحاسد إلّا في أمرين: بذل المال، وبذل العلم، وهذا لشرف الصنيعين، وحثّ النّاس على التّنافس في وجوه الخير. عن عبد الله بن مسعود قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “لا حسد إلّا في اثنتين رجل آتاه الله مالًا فسلّط على هلكته في الحقّ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلّمها”.ويكفي صاحب العلم فضلًا أنّ الله يسخّر له كلّ شيء ليستغفر له ويدعو له، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “صاحب العلم يستغفر له كلّ شيء حتّى الحوت في البحر”.وبناء عليه؛ فالحياة بدون العلم مستحيلة، واختفاء العلم يؤذِن بقرب قيام السّاعة، كما حذّر من ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: “إنّ من أشراط السّاعة: أن يُرفع العلم، ويثبّت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزّنا..”.فينبغي على المسلم إذا استشعر مكانة العلم، ومنزلته وفضيلته، أن يجعل لنفسه حظًّا ونصيبًا منه، فلا يفوِّت يومًا من أيّامه إلّا ويتزوّد فيه شيئًا من العلم وإن قلّ لئلّا يخسر يومه بضياعه دون ما يفيده في تقريبه من الله جلَ في علاه.إنّ العلم إذا وُفق العبد لتحصيله والسّعي في نيله وتمرَّنت نفسه على ذلك؛ وجد له حلاوة لا تضاهى ولذة لا نظير لها، وإن كان في بداياته قد يشعر بشيء من المرارة لأنّه لم يتعوَّد، فإذا تمرّنت النّفس وجدت لذلك لذةً عظيمة وطعمًا وهناءة؛ ولهذا ينبغي على المسلم في سلوكه لطلب العلم أن يتحلّى بالصّبر، ومن لا صبر عنده لا ينال علمًا بل لا ينال فضيلة؛ لأنّ الصّبر تُنال به الأعمال الصّالحات ويكفُّ به المرء عن المنهيات ويفيده في كلّ المقامات، لأنّه خُلق عظيم يلازم المسلم الصّادق في كلّ أحواله وجميع شؤونه.وممّا ينبغي أن يُعلم أنّ طلب العلم عبادة من العبادات وقربة من القرب، بل هو من أعظم ما يُتقرّب به إلى الله جلّ وعلا؛ قال بعض السّلف: “ما تُقرّب إلى الله بشيء مثل طلب العلم”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات