المصادقة على مسودة الدستور التونسي هذا الأسبوع

+ -

 مازالت صياغة الدستور التونسي تثير جدلا سياسيا وشعبيا بشأن بعض مواده، فرغم التقدم الذي حققه نواب المجلس التأسيسي بعد المصادقة على نحو 130 فصل من أصل 145 فصل في مسودة الدستور، إلا أن فئات من الشعب التونسي رفضت التنازلات التي قدمها نواب حركة النهضة للمعارضة العلمانية، خاصة ما تعلق بعدم اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع.وتظاهر للمرة الثانية خلال أسبوع مواطنون محسوبون على تيارات إسلامية ومحافظة، من بينهم رابطة الدفاع عن الثورة والجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح، أمام المجلس التأسيسي أول أمس رفضا للفصل السادس من مسودة الدستور، وطالبوا باعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع، أو عرض مسودة الدستور للاستفتاء العام بدل الاكتفاء بأغلبية الثلثين داخل المجلس التأسيسي.ويصوت النواب التونسيون على مسودة الدستور فصلا فصلا، ثم يعاد التصويت على مسودة الدستور كاملة بأغلبية الثلثين، وفي حالة عدم حصوله على أغلبية الثلثين، فسيتم عرضه على الاستفتاء الشعبي.وينص الفصل السادس في مسودة الدستور على أن “الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، وحامية للمقدسات وضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، ويحجر التكفير والتحريض على العنف”.وكان عدد من الجمعيات الإسلامية أصدرت فتوى وقّع عليها 33 من العلماء والشيوخ حرموا التصديق على الفصل السادس، معتبرين في فتواهم أن حرية الضمير “ستفتح الباب للاستخفاف بالمقدسات بما يتنافى مع ثوابت الدين، وهو أمر يمكن أن يشعل حربا أهلية”، وأضافوا أن “تحجير التكفير يجب أن يستثني القضاء والمراجع الشرعية التي يحق لها التكفير”.ورفع المحتجون شعارات تتهم المجلس التأسيسي بالعمالة للغرب مثل “يا تأسيسي يا عميل.. لا نريد حرية الضمير”، “الشعب مسلم ولا يستسلم”، وذلك وسط حضور أمني كثيف.كما أن نواب تيار المحبة بقيادة الهاشمي الحامدي مدير قناة المستقلة الذين يمثلون ثالث كتلة نيابية في المجلس التأسيسي، انسحبوا من البرلمان بعد رفض المجلس مقترحات الكتلة خاصة ما تعلق باعتماد الإسلام مصدرا أساسيا للتشريع، ومقترح تجريم الإساءة للذات الإلهية والقرآن الكريم والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ويعامل نواب تيار المحبة وغالبيتهم من الشباب بنوع من التهميش والاحتقار من جميع الفرقاء السياسيين، تجلى ذلك في حرمانهم من المشاركة في جلسات الحوار الوطني.غير أن نواب تيار المحبة المنسحبين لم يتجاوز عددهم سبعة نواب من أصل 26 نائبا انتخبوا باسم هذا التيار الذي رفض مؤسسه الدكتور الهاشمي الحامدي مدير قناة المستقلة بلندن تحويله إلى حزب سياسي، ما يعني أن تيار المحبة تعرض لنزيف نيابي، ما يفسر اقتراحه لمادة تمنع “التجول” السياسي والحزبي للنواب.وفي سياق ذي صلة قرر قضاة تونس إنهاء إضراب عام بدؤوه الأربعاء الماضي، بعدما رأوا أن باب السلطة القضائية في الدستور أصبح يشكل إطارا عاما ملائما لبناء وتطوير سلطة قضائية مستقلة، بعد مصادقة المجلس التأسيسي عليه أول أمس.من جهة أخرى أطلقت الشرطة التونسية أول أمس قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق أكثر من 500 عاطل عن العمل، حاولوا اقتحام مقر ولاية قابس (جنوب تونس) للمطالبة بتوظيفهم في شركة حكومية، وذلك إثر انتشار شائعات حول توزيع الشركة عقود عمل.وجدير بالذكر أن تونس خطت خطوات جدية نحو الخروج من أزمتها السياسية والاتجاه نحو إنهاء مرحلتها الانتقالية، بعد استقالة حكومة علي العريض وتكليف مهدي جمعة بتشكيل حكومة تكنوقراطية للإشراف على المرحلة الانتقالية، وانتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي أدت القسم الأربعاء الماضي أمام رئيس الجمهورية منصف المرزوقي رغم عدم اكتمال أعضائها، بالإضافة إلى توقع الانتهاء من صياغة مسودة الدستور والتصويت على فصولها بحر هذا الأسبوع كما تعهد بذلك رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، لتنطلق بعدها مرحلة أخرى تتمثل في تحديد مواعيد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، وربما استفتاء شعبي إن لم تحصل مسودة الدستور على أغلبية الثلثين.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: