38serv
هل ينهي مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة، حالة الغموض السياسي الذي دخلت فيه البلاد منذ شهور، ويفتح طريق وضوح الرؤيا بشأن رئاسيات 17 أفريل المقبل؟ أم أن فترة الـ45 يوما الممنوحة للراغبين في الترشح لإيداع طلباتهم، ستبقي على الوضع القائم واستمرار حالة “السوسبانس” لأسابيع أخرى، يتواصل فيها الحديث عن الفحوصات الطبية وعن التحسن الملحوظ في صحة الرئيس وعن لجان مساندة العهدة الرابعة، وعن تهديد المعارضة بالمقاطعة وعن سحب ترشيحات وإسقاط أخرى، وغيرها من أنواع سيناريو حراك سياسي لا يرقى إلى المستوى المطلوب ولا إلى النقاش المفترض أن يرافق موعدا سياسيا واستحقاقا انتخابيا بحجم الانتخابات الرئاسية. الأيام المقبلة كفيلة بالجواب إن كانت الطبقة السياسية قادرة على الخروج من الشرنقة التي دخلت فيها، ووضع مواقفها وحساباتها فوق الطاولة أمام الرأي العام.موالاة ومعارضة يراهنون على وضوح الرؤياالجزائر مشدودة إلى حالة ترقّب لا تنتهي يبدي الأجانب، ممن لا يعرفون كيف تصنع نتائج الانتخابات في الجزائر، استغرابا كبيرا لحالة الجمود التي تطبع الحياة السياسية في بلادنا، رغم أن استحقاقا هاما مرتقبا بعد 3 أشهر فقط! أما من يدرك كيف تدار اللعبة، يعلم أن اللاعبين الكبار لا يمكن أن يفسحوا المجال للناخب ليختار رئيسه بحرية، لأن كرسي الرئيس يختلف عن مقعد البرلماني ومنصب “المير”.لا يجد نظام الحكم أي مانع في ترك هامش حرية للمواطنين ليختاروا ممثليهم بغرفتي البرلمان والمجالس المحلية، فالهيئات المنتخبة المكلفة دستوريا بمهمة مراقبة الحكومة والولاة والمسؤولين التنفيذيين، تواجه حدودا معينة لا يمكن تجاوزها. غير أن النظام لا يقبل بأي حال أن يخرج رئيس الجمهورية من صندوق الانتخاب وبإرادة المصوّتين، لأن الرئيس بحكم الدستور هو وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو رئيس جهاز القضاء ويملك سلطة التشريع وووو.. صلاحيات وسلطات واسعة تعززت له أكثر بالتعديل الدستوري ليوم 12 نوفمبر 2008.وهذه الصفات تجعل من الرئيس “ليس ألعوبة بأيدي أي كان”، في مفهوم النظام، حتى يمكن للمواطن البسيط أن يختاره من بين الكثيرين ممن يحلمون بالوصول إلى كرسي الرئاسة، لذلك فرجال النظام الذين يختارون رئيسا بالتوافق بينهم، يحددون مقاييس معينة لمن يكون رئيسا، كمن يخيط قميصا، ثم يبحثون عن شخص ليلبسه، ولذلك فالذين ينتمون لشبكة المولاة والمعارضة معا، يترقبون حاليا من سيقع عليه الاختيار ليكون مرشح النظام. فإذا ترشح بوتفليقة، فـ«الدخان الأبيض”، في هذا الحالة، يكون قد حسم نتيجة الاستحقاق لسابع الرؤساء. والسبب واضح، هو أن بوتفليقة يحكم سيطرته على كل مؤسسات الدولة وأهم الأحزاب والتنظيمات، المسماة خطأ “مجتمع مدني”. وعودة الرئيس من “فال دوغراس”، أول أمس، وحديث الوكالة الرسمية للأنباء عن “تحسن ملحوظ في صحته”، هو جزء من سيناريو شدّ الانتباه إلى آخر لحظة بخصوص إشكالية “هل يترشح أم لا يترشح؟!”.وإذا أعلن بوتفليقة اكتفاءه بـ«الثالثة” بنفسه، أو عن طريق تسريبات من موالين له، سيبقى الترقب قائما وبأكثر حدة، إذ ستكون الأنظار مشدودة لمن وقع عليه الاختيار ليكون رئيسا. وهذه الحقيقة يعلمها الجميع، لذلك عندما يقول سفيان جيلالي إنه سينسحب من المنافسة إذا ترشح بوتفليقة، فهو يعبّر عن قناعة لدى كل المهتمين بالسياسة مفادها أن الانتخابات الرئاسية مجرد مسرحية محبوكة وضحك على ذقون الناخبين، الذين يدعون إلى التصويت على مجموعة من المترشحين، والكل يعلم مسبقا أن “الفائز” معروف قبل ظهور النتائج، وهذا ما كانت عليه بالضبط انتخابات 2009، كما كانت عليه أيضا انتخابات 1999، ولو بدرجة أقل، عندما انسحب مرشحون يعرفون النظام من داخله، تأكدوا بأن بوتفليقة هو مرشح السلطة وأن المشاركة في الانتخابات هو تزكية لتزوير مفضوح.وأمام واقع مفروض، يتمثل في تحديد قواعد اللعبة مسبقا، يصبح الحديث عن وجود فرصة للتغيير عن طريق المشاركة في الانتخابات الرئاسة المقبلة، تغليطا يمارس على المواطن الذي يترقب هو أيضا تحقيق حلمه في تحسين ظروفه المعيشية، عن طريق الصندوق.الجزائر: حميد يسالعهدة الرابعة تربك الحياة السياسيةأحزاب ومرشحون يرهنون مصيرهم بكلمة “نعم” أو “لا” من بوتفليقة الرئيس بوتفليقة، هو الصانع الوحيد للمشهد الرئاسي المنتظر يوم 17 أفريل المقبل، وهو مركز “اللعبة السياسية” ومحدد شاكلة الخارطة السياسية لما بعد 2014، سواء ترشح للانتخابات أم لم يترشح، طالما أن وضوح الرؤية إزاء هلال الرئاسيات مرهون بكلمة “نعم” أو “لا”. لم يشبع إعلان الرئيس بوتفليقة استدعاء الهيئة الناخبة، يوم 17 أفريل المقبل للانتخابات الرئاسية، رغبة أحزاب وشخصيات، في محاولة فك طلاسم الموعد المرتقب، لسبب واحد، يتعلق بموقف الرئيس نفسه، إن كان سيترشح أم لا. وإعلان استدعاء الهيئة الناخبة وإن أسال الكثير من الحبر، خاصة بعد انتقال بوتفليقة لإجراء الفحوصات الطبية بفال دوغراس بباريس، والشكوك التي رافقته في احتمال عدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، لم يزح الضبابية المحيطة بمستقبل البلاد بعد 2014.. مستقبل عصي على فهمه أكثر الضالعين في شؤون وخصوصية النظام الجزائري، باعتبار أن مركز التحرك ودائرة اللعبة السياسية ممركزة في شخص واحد، هو رئيس الجمهورية طبقا للصلاحيات التي منحها إياه الدستور.ولما كان الأمر كذلك، خضع مترشحون مفترضون وأحزاب سياسية لارتباك شديد، أخلط برامجها الأسبوعية وصارت معلقة على مقبض بوتفليقة، بكلمة منه، تكون كافية لركوب كل جهة سكتها الطبيعية، فلا الإسلاميون اتفقوا على شخصية محددة نتاج توافق بينها يمكنه منافسة مرشح النظام، ولا الأحزاب الديمقراطية والوطنية التي تخندقت في جبهة معارضة تمكنت من ذلك، ولا تشكيلات تجرأت وأعلنت ترشيح قائدها، بصفة فردية رسمية، إلا ما تعلق بتصريحات بدت وكأن أصحابها غير واثقين في أنفسهم، طالما أنهم غير واثقين إزاء أي منقلب سينقلب بوتفليقة.ورهنت “العهدة الرابعة” لبوتفليقة كل الحياة السياسية، تماما كما دفعت البعض إلى رهن ترشحهم بانسحاب الرئيس من السباق، على غرار موقف رئيس حزب “جيل جديد” جيلالي سفيان المترشح الذي صرح أنه سينسحب من الرئاسيات إن ترشح بوتفليقة.. غير أن مآخذ وجهت لحاملي فكر “إن ترشح الرئيس فلن أترشح” على أن مواقفهم تنم عن موقف “ضعف”، أو قراءات تفيد أن البعض يخشى أن يزن ثقله في ميزان كفته المقابلة تزن ثقل الرئيس بوتفليقة. ومادام الرئيس يكتنز ثقل الشارع، فما الداعي إلى انتقاده من قبل المعارضة؟مثل هذا الانتقاد قد لا يجد ما يبرره بالنسبة لهؤلاء الذين يرون أن ضمانات إجراء انتخابات حرة ونزيهة غير متوفرة لحد الآن، وبشكل آخر، يفهم من موقف هؤلاء أن توفير شروط نزاهة الانتخابات، يقتضي عدم ترشح بوتفليقة، وهذه “أمنية” غير ديمقراطية.يشبه “الترقب” حالة عبودية، طالما أن أحزابا ومترشحين من المعارضة رهنوا أنفسهم لقول فصل من الرئيس، لا شيء يلهيهم عن التركيز في خرجة منه، ينهي بها حالة الصداع و«السوسبانس”، وهم بذلك لا يختلفون عن أحزاب الموالاة التي تخندقت في الحالة نفسها، مع اختلاف الأهداف والأماني، لكن تجمعهما “خشية”، فالمعارضة تخشى أن يترشح بوتفليقة والموالاة تخشى أن لا يترشح، بينما الرهان على ما تبقى من شهر جانفي الجاري لمعرفة من سيوالي بوتفليقة، مؤيديه أم معارضيه.الجزائر: محمد شراق
حوار
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات