إنّ الكادر الصحي كان ومازال خط دفاعنا الأول في مواجهة فيروس كورونا، فالأطباء إلى الآن لا يحصلون على الإجازات ويعملون بشكل متواصل، ولقد تمّ نعي عدد لا بأس به من الأطباء الذين راحوا ضحية الفيروس، شهداء من خطّ الدفاع الأول، وإن ما يقومون به من أعظم الجهاد، وهو الجهاد الصّادق وأتمنّى من الله سبحانه وتعالى أن يحفظهم ويوفّقهم في أعمالهم العظيمة.ولقد تمّ الاتفاق على أن يُطلق عليهم الجيش الأبيض، وتسميتهم بذلك له معنى أنّ هذا نوعًا من الجهاد النّادر الّذي إن صحّت فيه النّية له أسمى الأمر والأجر عند الله سبحانه وتعالى.تضحيات جمّة يقف أمامها الجميع عاجزين، كيف لا وهُم يجابهون عدوًّا لا يرى، وحفرت الأيّام واللّيالي آثار الكمامات والنظارات الواقية على وجوههم، ليستحقّوا الشّكر الجزيل. وقد أشاد الجميع بالجُهد الخارق المبذول من الأطقم الطبية في هذه المرحلة لحماية المواطنين من كورونا والحفاظ على صحّتهم، ونوجّه لهم أسمى آيات الشّكر والتّقدير فهم يخوضون معركة شرسة مع عدوّ شرس يضرب في جنبات العالم بلا رحمة وبلا هوادة، فشكرًا لكلّ عضو في تلك المنظومة: شكرًا للأطباء؛ وشكرًا للممرضين؛ وشكرًا لسائق سيارة الإسعاف؛ وشكرًا للصيادلة وللباحثين، وكلّنا فخر بكم وبدوركم العظيم.والطبُّ إنّما هو من قِبَل الأسباب الّتي أذن الإسلام في تعاطيها، وهو من أشرف الصناعات، وشرفُ الصناعة على قدر ما يترتّب عليها من نفع الأمّة، وتقويم أود حياتها. وللطبيب دور أساسي وفعّال في مساعدة المجتمع ودفع قدرته والحفاظ عليها وذلك من خلال مقاومة الأمراض والقضاء عليها.والإسلام يحترم العمل المهني من أجل الكسب الحلال، فالرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: “إنّ أطيَب ما أكل الرجل من كسب يده”، والطب مهنة للكسب الحلال امتدحها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “نِعْمَ العبد الحجّام”، وورد أنّه احتجم وأعطى الحجّام أجره.لذا كان من الواجب على المجتمع أن يكفل للطبيب بالحياة الكريمة الّتي تتّفق مع دوره ورسالته، وأن يعوّضه مالًا يستطيع المريض بذله، وأن يجمع له بين التّقدير الأدبي والتّقدير المادي.والطبيب المسلم الّذي يحمل أمانة الإسلام أوّلًا وأمانة المحافظة على صحة المسلمين ودفع الضرر عنهم ثانيًا أولى النّاس بأن يُكرَّم وتُحفَظ آدميته وقداسة الوظيفة الّتي يؤدّيها للمجتمع.وفي ظلّ جائحة الفيروس كورونا الّتي أثبتت لنا كم هي عظيمة وخطيرة مهنة الأطباء؛ لذا وجب علينا إعادة الاعتبار لهم وإعطاؤهم المكانة والتّكريم والجزاء الّذي يستحقّونه دون منٍّ من أحد.ولقد لاحظ الجميع كيف أنّ الكثير من الأطباء ضحّوا بأرواحهم من أجل حمايتنا وحماية المجتمع ككلّ من هذا الوباء المنتشر، ولولَا جهودهم المضنية لمَا سلم الكثير من النّاس. ورأينا كيف تبذل أطقم التمريض وغيرهم من العاملين في المجال الصحي قصارى جهدهم لإنقاذ الأرواح رغم التّحديات الكبيرة في مواجهة خطر هذا الوباء الّذي يهدّد العالم أجمع.إنّهم الأطباء والممرضون ومعاونوهم والأسلاك المتصلة بهم الّذين كانوا في الصفوف الأولى، مسلّحين بالعلم والإيمان والتّضحية من أجل الوقاية والسّلامة للجميع دون فرق أو تمييز بين أحد. فلكلّ فرد من هؤلاء منّا كلّ التحية والتّبجيل والتّقدير والإكرام، ولا نقول لهم سوى إنّ أجرهم لن يضيع عند الله سبحانه وتعالى.رسالة احترام وتقدير للأطباء والممرضين والممرضات وكلّ الفرق واللجان الوبائية وكلّ الفرق اللوجيستية المساندة والمساعدة في كلّ مستشفيات الوطن، تحية احترام وتقدير وشكرًا لكم كلّ واحد باسمه الخاص، تحية ممزوجة بالدّعاء بأن يحفظكم من كلّ مكروه ومن هذا الوباء.وإذا أردنا أن نشكرهم بحقّ ونوفّيهم جزءًا من حقّهم فعلينا أن نلتزم بنصائحهم وإرشاداتهم الطبية، ولزامًا على المجتمع دعم الكادر الصحي بجميع فئاته عبر الالتزام بالتّعاليم والإرشادات الصحية والبقاء في المنزل إلّا للضّرورة.ولا يسعنا إلّا أن نتوجّه بالدّعاء للجيش الأبيض، فقد أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمكافأة من صنع إلينا معروفًا فقال: “مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ”. ومن الدّعاء أن تقول له: جزاك الله خيرًا، روى الترمذي عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فقال لفاعله: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا فقد أبْلَغ في الثّناء”. كلية الدراسات الإسلامية بقطر
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات