يردد الخطاب الرسمي بنوع من " الانتصار" عدم اللجوء الى المديونية الخارجية، لتمويل الاقتصاد الوطني والاكتفاء بالموارد الذاتية، وكان يمكن تفهم هذا التوجه من باب ما حدث في منتصف التسعينات في عملية اعادة الجدولة التي أغلقت مئات المؤسسات وتسريح نصف مليون عامل، وبالتالي فان التخوف يندرج ضمن "لي شاف الموت يقنع بالحمة" ، لكن إذا كانت المديونية بمثل كل هذه الشرور " ، فلماذا تتصدر اليابان وايطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وانجلترا قائمة الدول الأكثر مديونية في العالم ولكنها في نفس الوقت من أهم الاقتصاديات تطورا في العالم ؟.
ثبت العديد من الدراسات والبحوث أن الدول التي تعرضت لأزمات مديونية حادة، كانت بفعل توجيه الأموال المقترضة من قبل حكومات تلك الدول لتمويل الاستهلاك وأيضا نحو الاستثمارات الغير منتجة، ولم توجه قط الى تطوير المشاريع الاستثمارية المنتجة للثروة والمولدة للنمو، ولذلك هناك دول تمول اقتصادها دوما باللجوء الى القروض، خصوصا لما تكون مستويات الفائدة متدنية، ومع ذلك نجحت في تطوير اقتصادها، رغم شح مواردها الذاتية، في حين هناك حكومات أخرى أغرقت بلدانها بالديون وجعلتها عاجزة عن التسديد، لكون تلك القروض اتجهت لتمويل الاستهلاك الداخلي من خلال استيراد الموز والكيوي والكافيار، اعتقادا منها بأنه يمكن من خلال مثل هذه القرارات الشعبوية، شراء السلم الاجتماعي والاستمرار في السلطة، قبل أن تجد نفسها تطرق أبواب الأفامي والبنك الدولي وناديي باريس ولندن، طلبا لإعادة الجدولة مع ما ينجر عنه من شروط قاسية نظير حصولها على تأجيل فترة التسديد وما الى ذلك.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات