+ -

لماذا كل هذه الترسانة من الإجراءات الأمنية لأجل " حماية " امتحان البكالوريا من " الغش " ؟ هل " الغش " في هذا الامتحان خطير إلى هذا الحد الذي يتم فيه قطع  الانترنت دون سابق إنذار ، ويجند له الآلاف من أعوان الشرطة وأفراد الجيش ومثلهم من المراقبين والمفتشين والمساعدين التربويين ؟. هل كل ذلك لأن الغش الذي يراد منعه ، هو من أجل الحفاظ على " بريق " البكالوريا وعدم التشكيك في امتحانها والفائزين بها ؟ أم أن "البكالوريا " أصبح لها ثقل سياسي ، تتحمله السلطة برمتها وليس وزير التربية فقط ، ولذلك يتم " عسكرتها " بهذا الشكل الذي يخلق حالة من الطوارىء في البلد يوم تنظيمها ؟. هل "الغش " الذي تجند لمنعه بكل هذه التدابير الاحترازية ، لكونه يمس بمصداقية "الباك " كشهادة في الداخل ؟ أم أنه يرجى منها بعث رسالة للخارج  لكي تبقى جامعات الخارج تعترف بهذه الشهادة ، ولا يحدث لها ما وقع لقيمة الدينار في مقابل اليورو والدولار ؟. هل هذا الحرص على البكالوريا ، هو من باب سعى السلطات لتكريس مبدأ " تكافئ الفرص " بين الطلبة ، وإحلال العدالة والمساواة ، حتى لا يأكل "الغشاش " حق " المجتهد "، وحتى لا يتحول هذا الأخير الى ضحية لسوء أخلاقية أصحاب "البلوثوت " و"الهواتف النقالة "، وهي من بين التقنيات المضبوطة في الغش في بعض المراكز .

صدقوني ... حقيقة لم أقتنع بأي من هذه الأسباب ، لأن " الغش " هو نفسه جريمة أينما حل وارتحل ، لأن الحديث الشريف يقول " من غشنا فليس منا " ، فلماذا إذن يراد منعه في امتحانات البكالوريا بكل السبل والوسائل المتاحة ، بينما " الغش " في انجاز مشاريع البنية التحتية ، من طرقات ومباني وأشغال عمومية ، لا يتم التصدي له بنفس إجراءات امتحان البكالوريا ، رغم أنه يلتهم ملايير الدولارات ووراء الفساد المستشري، وتشكل عواقبه تهديد دائم لحياة وسلامة المواطنين على مر السنين . لماذا لا يتم التصدي لـ "الغش " في تزييف الأرقام والإحصائيات المقدمة المختلفة في النمو ، البطالة ، التضخم ، في الاستيراد وتضخيم الفواتير ، فهل هو أقل خطورة من الغش في الامتحانات ؟. لماذا لا تشدد المراقبة لمنع "الغش " في المواد الغذائية ، مواد البناء ، وفي سلع " تايوان " المغشوشة التي تغزو أسواقنا ، رغم أن القوانين موجودة لردع المخالفين لذلك . ثم مادام الحرص على مصداقية شهادة البكالوريا إلى هذه الدرجة ، فمن المفروض أن تكون الامتحانات الجامعية والمعاهد العليا الأخرى ، ليسانس ، ماستير ، دكتوراه ، أكثر مراقبة لمنع "الغش " فيها أيضا ، بل لمنع السرقات العلمية في الدكتوراه ، حيث تستنسخ الأبحاث العلمية نسخا من أصحابها وتنسب لسارقيها ، وأيضا الحصول على شهادات جامعية دون الحضور لمقاعد التدريس بالجامعة بالمرة ، ومن يشكك في ذلك ما عليه سوى الاطلاع على ما جرى في مسابقات الدكتوراه في العديد من الولايات .

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات